. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وكنت أمشي على ثنتين معتدلا ... فصرت أمشي على أخرى من الشجر)
وإنما يعنون بكونه من جنس ما قبله أن يكون اسم الموصوف بآخر في اللفظ أو التقدير يصح وقوعه على المتقدم الذي قوبل بآخر جهة التواطؤ، ولذلك لو قلت: جاءني زيد وآخر كان سائغا لأن التقدير ورجل آخر، وكذا جاءني زيد وأخرى تريد نسمة آخرى، وكذا اشتريت فرساً ومركوباً آخر سائغ وإن كان المركوب الآخر جملاً، لوقوع المركوب عليهما بالتواطؤ، فإن كان وقوع الاسم عليهما على جهة الاشتراك المحض فإن كانت حقيقتهما واحدة جازت المسألة، نحو قام أحد الزيدين وقعد الآخر، وإن لم تكن حقيقتهما واحدة لم يجز لأنه لم يقابل به ما هو من جنسه نحو رأيت المشتري والمشتري الآخر، تريد بأحدهما الكوكب وبالآخر مقابل البائع.
وهل يشترط في التواطؤ اتفاقهما في التذكير؟ فيه خلاف، فذهب «المبرد» إلى عدم اشتراطه فيجوز: جاءتني جاريتك وآخر، واشترطه «ابن جني»، والصحيح ما ذهب إليه «المبرد» بدليل قول «عنترة»:
(والخيل تقتحم الغبار عوابسا ... من بين شيظمة وآخر شيظم)
وما ذكره من أن آخر يقابل به ما تقدمه من جنسه هو المختار، وإلا فقد يستعملونه من غير أن يتقدمه شيء من جنسه، وزعم «أبو الحسن» أن ذلك لا يجوز إلا في الشعر، فلو قلت: جاءني آخر من غير أن تتكلم قبله بشيء من صنفه لم يجز، ولو قلت: أكلت رغيفاً، وهذا قميص آخر لم يحسن، وأما قول الشاعر:
(صلى على «عزة» الرحمن وابنتها ... «ليلى» وصلى على جاراتها الأخر فمحمول على أنه جعل ابنتها جارة لها)
وقابلت أخر وهو جمع بابنتها وهو مفرد، وزعم «السهيلي» أن أخرى في قوله تعالى: {ومناة الثالثة الأخرى} استعملت من غير أن يتقدمها شيء من صنفها، لأنه عنى بها «مناة» الطاغية التي كانوا يهلون إليها بقديد، فجعلها ثالثة للات والعزى وأخرى لمناة التي كان يعبدها «عمرو بن الجموح» وغيره من قومه، مع أنه لم يتقدم لها ذكر.