. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والمقصود كما في "الانتصاف" الرد على من قال: مطر في الخير وأمطر في الشر، وتوهم أنه تفرقة وضعية لورود ما يخالفه كقول "رؤبة":
(أمسى "بلال" كالربيع المدجن ... أمطر في أكتاف غيم معين)
فبين أن معنى أمطرت أرسلت شيئًا على نحو المطر وإن لم يكن إياه، حتى لو أرسل الله من السماء أنواعًا من الخيرات والأرزاق كالمن جاز أن يقال فيه أمطرت السماء خيرات أي أرسلتها إرسال المطر، فليس للشر خصوصية بالمزيد، لكن اتفق أن السماء لم ترسل شيئًا سوى المطر إلا وكان عذابًا فظن أن الواقع اتفاقًا مقصود في الوضع. فنبه العلامة على تحقيقه وأحسن وأجمل. اهـ. فما نقل عن "أبي عبيدة" وأهل اللغة من الفرق مؤول بما ذكر وهو الذي غر المصنف فلا وجه لرده بقوله: "عارض ممطرنا" لأنهم عنوا به الرحمة ولا إلى انتقاده بأن الكلام في الفعل، فإنه كله من ضيق العطن وقلة الفطن.
وأما كلامه في الريح والرياح فهو مما ذهب أدراج الرياح، وفي "الإتقان" عن "أبي بن كعب": كل شيء في القرآن من الرياح فهو رحمة، وكل شيء من الريح فهو عذاب.
وورد في الحديث أنه كان يدعو عند عصوف الريح بقوله: » اللهم اجعلنا رياحًا ولا تجعلها ريحًا «.
ووجه بأن رياح الرحمة مختلفة الصفات والماهيات، فإذا هاجت ريح منها أثير في مقابلتها ما يعدلها ويكسر سورتها فتلطف وتنفع الحيوانات وتنمي النباتات.