وذكر شيخنا "أبو القاسم الفضل بن محمد النحوي" رحمه الله أنط إذا قلت: ما أسود زيدا وما أسمر عمرا وما أصفر هذا الطائر وما أبيض هذه الحمامة وما أحمر هذا الفرس فسدت كل مسألة منها من وجه وصحت من وجه. فتفسد جميعها إذا أردت بها التعجب من الألوان وتصح كلها إذا أردت بها التعجب من سؤدد زيد ومن سمر عمرو ومن صفير الطائر ومن كثرة بيض الحمامة ومن حمر الفرس وهو أن ينتن فوه من البشم

ـــــــــــــــــــــــــــــ

كان في الدنيا أعمى، وهو في الآخرة أضل سبيلا. اهـ.

فإن قلت: كيف يكون في الآخرة أعمى وقد تظاهرت الأخبار بأن الخلق يحشرون كما بدءوا، كما قال تعالى: {كما بدأنا أول خلق نعيده}؟ [الأنبياء: 104] قلت: قد أورد هذا "السيد المرتضى" قدس الله روحه في "الدرر والعزر" وأجاب عنه بأجوبة منها: أنه إذا كان من عمى البصر فهو كناية عن كونهم لا يهتدون إلى محجة الصواب وسواء الطريق، وإلا فهو ظاهر مع كلام آخر لا يخلو من نظر لمن له بصر.

وقد جاءت ألفاظا من هذا الباب تجوز على وجه وتمتنع على وجه آخر، فمنها أنك تقول زيد أسمر من عمر فإن كان من اللون لم يجز، وإن كان من السمر جاز وهذه الدجاجة أبيض من تلك فإن كان من البياض لم يجز وإن كان من البيض جاز، وهذا أسود من هذا فمن السواد لا يجوز ومن السيادة يجوز وله نظائر كثيرو.

وقد عيب على أبي الطيب قوله في الشيب:

(أبعد بعدت بياضا لا بياض له ... لأنت أسود في عيني من الظلم)

هو من قصيدة أولها:

(ضيف ألم برأس غير محتشم ... والسيف أحسن فعلا منه باللمم)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015