وخلفه وأمامه، حتى يقول: ((واجعلني نوراً)) فسأل ربه أن يجعل النور في ذاته الظاهرة والباطنة، وأن يجعله محيطاً به من جهاته، فدين الله نور، وكتابه نور، ورسوله نور، وداره التي أعدها لأوليائه نور يتلألأ، والله - تعالى - نور السموات والأرض، ومن أسمائه ((النور)) - سبحانه وتعالى -.

السادسة والثلاثون: أن الذكر رأس الأصول، وطريق عامة الطائفة، ومنشود الولاية، فمن فُتح له فيه فقد فَتح باب الدخول على الله - عز وجل - فليتطهر وليدخل على ربه، يجد عنده كل ما يريد، فإن وجد ربه - تعالى - يجد كل شيء، وإن فاته ربه - تعالى - فاته كل شيء.

السابعة والثلاثون: أن الذكر يجمع المُفرَّق، ويفُرِّق المجتمع، ويُقرب البعيد، ويُبعد القريب؛ فيجمع ما تفرَّق على العبد من قلبه وإرادته، ويُفرِّق ما اجتمع عليه من الهموم والغموم، والأحزان والحسرات، ويفرق أيضاً ما اجتمع عنده من جند الشيطان؛ فإن إبليس - عليه اللعنة - لا يزال يبعث له سرية بعد سرية، والذكر يُقرِّب الآخرة ويُعظِّمها في قلبه، ويُصَغِّر الدنيا في عينيه، ويُبعدها عن قلبه ولسانه.

الثامنة والثلاثون: أن الذِّكر يُنَبِّهُ القلب من نومه، ويوقظه من سِنته والقلب إذا كان نائماً فاتته الأرباح والمتاجر، وكان الغالب عليه الخسران.

التاسعة والثلاثون: أن الذكر شجرة تثمر المعارف.

الأربعون: أن الذاكر قريب من مذكوره، ومذكوره معه، وهذه المعية معية الولاية والمحبة، والنصرة والتوفيق، لقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015