قال الخطابي - رحمه الله -: ((هذا الكلام تمثيل وتقريب، والكلام لا يقدر بالمكاييل، ولا تسعه الأوعية، وإنما المراد منه تكثير العدد، حتى لو يقدر أن تكون تلك الكلمات أجساماً تملأ الأماكن، لبلغت من كثرتها ما يملأ السموات والأرض)).
قوله: ((وملء ما شئت من شيء بعد)) هذه إشارة إلى أن حمد الله أعز من أن يدخل فيه الحسبان، أو يكتنفه الزمان والمكان؛ فأحال الأمر فيه على المشيئة، وليس وراء ذلك للحمد منتهى، ولم ينته أحد من خلق الله في الحمد مبلغه ومنتهاه، وبهذه الرتبة استحق نبينا - صلى الله عليه وسلم - أن يسمى أحمد؛ لأنه كان أحمد ممن سواه.
قوله: ((أهل الثناء)) والثناء: هو الوصف الجميل والمدح.
قوله: ((والمجد)) أي: العظمة، ونهاية الشرف، يقال: رجلٌ ماجدٌ، منضال كثيرُ الخيرِ شريفٌ، والمجيد: فعيل، للمبالغة، ومنه سُمي الله مجيداً.
وقوله: ((وكلنا لك عبد)) اعتراف بالعبودية لله تعالى وأنه المالك لنا.
وكون هذا أحق ما يقوله العبد؛ لأن فيه التفويض إلى الله تعالى، والإذعان له، والاعتراف بوحدانيته.
قوله: ((ولا ينفع ذا الجَد منك الجد)) أي: لا ينفع الغنى صاحبَ الغنى منك غناه، وإنما ينفعه العمل بطاعتك.
والجد في اللغة الحظ، والسعادة، والغنى، ومنه ((تعالى جدك))؛ أي: علت عظمتك، ويجيء بمعنى أب الأب.