-عليه الصلاة والسلام- حتى طلع الفجر، هكذا يقول جابر -رضي الله عنه-، ومفهوم هذا الكلام أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يتنفل، ما صلى ولا قام من الليل ولا صلى ولا الوتر الذي ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان لا يتركه حضراً ولا سفراً، لأن الأعمال في يوم النحر كثيرة وتحتاج إلى شيءٍ من المشقة والتعب، على ما سيأتي في فعله -عليه الصلاة والسلام-، فيستعد لهذا اليوم بالنوم ليلة جمع، فهل يشرع الوتر في هذه الليلة؟ أو نقول كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا توتر؟
لا شك أن جابراً -رضي الله عنه- خفي عليه كون النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر ونهى في تلك الليلة، وأذن للضعفة بالانصراف، فكونه لم يذكر الوتر لا يعني أنه لم يقع، وعلى كل حال العلة معروفة ومعقولة، وهي الاستعداد ليوم النحر بالراحة، فلو افترضنا أن شخصاً وضع رأسه على الوسادة فنام إلى الصبح، نقول: لا تدري نقل جابر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه اضطجع حتى طلع الفجر، نقول: شخص لما صلى المغرب والعشاء وضع رأسه في الفراش ونام حتى طلع الفجر، عملاً بحديث جابر، نقول: أحسنت، وشخص آخر أرق فبدلاً من أن يتقلب في الفراش أو يتحدث مع الناس قام يصلي، نقول له: أحسنت؛ لأن هذه الليلة يشملها ما جاء في غيرها في الحث على قيام الليل، {كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [(17) سورة الذاريات] وإذا عرفنا العلة أنه إنما نام -عليه الصلاة والسلام- حتى طلع الفجر، هذا على القول بأنه ما أوتر، لا يعني هذا أن الوتر غير مشروع، ثبتت به النصوص وأوجبه بعض العلماء، وقيام الليل جاءت فيه النصوص من الكتاب والسنة، {كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [(17) سورة الذاريات] {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [(16) سورة السجدة] وهذا يشمل هذه الليلة أو غيرها، لكن المسألة في الأفضل، إذا نام واستعد على ما أمامه من أعمال يوم النحر أحسن، وإذا أرق وما استطاع أن ينام وقام إلى مصلاه أحسن أيضاً.