" ((وقد تركت فيكم ما لم تضلوا به إذا اعتصمتم به كتاب الله)) " ترك النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو مصون محفوظ من التحريف والتغيير والزيادة والنقصان، {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [(9) سورة الحجر] فهو كما تركه إلى أن يرفع في آخر الزمان، والاعتصام به هو المخرج من الفتن، وهو حل المشكلات والمعضلات، وهو دواء وعلاج لأمراض القلوب والأبدان، فمن تمسك بكتاب الله واعتصم به لن يضل في الدنيا ولا في الآخرة، ولا يشقى في الآخرة، وأنتم والكلام عن القرآن والعناية به أمر جاءت به النصوص، فجاء الحث على قراءة القرآن، وعلى فهم القرآن، وعلى إقراء القرآن، وعلى تدبر القرآن، قراءة القرآن بالنسبة للمسلم أمر مطلوب، جاء الترغيب فيه، بكل حرف عشر حسنات، وعلى طالب العلم على وجه الخصوص من يعنى بالعلم الشرعي آكد، ومن المؤسف أن بعض من ينتسب إلى العلم مهمل للقرآن، يهمه ما يشتمل بزعمه على الأحكام العملية، تجده من حلقة إلى حلقة يتتبع دروس الحديث والفقه وهو هاجر لكتاب الله، والعلم والنور كله في كتاب الله، وزيادة الإيمان واليقين إنما تنشأ عن تدبر القرآن.
فتدبر القرآن إن رمت الهدى ... فالعلم تحت تدبر القرآنِ
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [(24) سورة محمد] والأمر بالتدبر في أربع آيات، وجاء الأمر بالترتيل، وعلى كل حال وضع طلاب العلم بالنسبة للقرآن غير مرضي، كثير منهم لا أقول كلهم، يوجد -ولله الحمد- من له ورد يومي من القرآن، لا يخل به سفراً ولا حضراً هذا موجود، لكن علينا أن نعنى بالقرآن، شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- يقول: من قرأ القرآن على الوجه المأمور به -يعني بالترتيل والتدبر والتفهم والتغني وتحسين الصوت- يورث القلب من الإيمان واليقين والطمأنينة ما لا يدركه إلا من فعله" هذا شيء ذكره شيخ الإسلام وأكد عليه هو وابن القيم وكتبهم مملوءة من هذا، وغيرهم ممن يعنى بأدوية القلوب.