"نفذ إلى مقام إبراهيم" المقام هو الحجر الذي فيه أثر القدمين لإبراهيم -عليه السلام-، والصيغة تحتمل الحجر ومكان الحجر، يعني الموضع الذي قام فيه إبراهيم -عليه السلام-، أو الحجر الذي قام عليه إبراهيم -عليه السلام-، فهو مقام، مقامك يعني مكانك الذي قمت فيه، فقيل: المراد الحجر، الحصاة التي فيها أثر القديمين، وقيل: المراد به المكان، وقيل: المراد بمقام إبراهيم جميع المشاعر التي وقف فيها إبراهيم -عليه السلام-، لكن كونه -عليه الصلاة والسلام- يعمد إلى هذا المكان الخاص من البيت ويقرأ الآية دل على أن المقام في الحرم، وإذا قلنا: أن المراد من المقام الحصاة تعلقت المشروعية بها، وإذا قلنا: أن المراد المقام المكان تعلقت المشروعية به، {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ} يعني المكان الذي قام فيه، المقام كان ملاصقاً للكعبة، أبعد عنها في عهد عمر -رضي الله عنه- من أجل حاجة الطائفين، أو أبعده السيل كما في بعض الروايات، المقصود أنه ليس في مكانه الأصلي، فإذا قلنا: أن المراد بالمقام الحجر قلنا: أن مشروعية الصلاة خلف هذا الحجر وجعله بين المصلي وبين الكعبة، ولو أخر عن الكعبة يعني لو اقتضت المصلحة أن يؤخر الحجر أيضاً عن مكانه إلى أروقة مثلاً، هل نقول: أن ركعتي الطواف متعلقة بهذا الحجر؟ ولو أبعد عن الكعبة؟ أو نقول: المراد المكان، فنقصد المكان الذي قام فيه إبراهيم وهو مقامه فنصلي فيه بغض النظر عن الحجر الذي فيه أثر القدمين، والصيغة محتملة، لكن الأكثر على أن المراد بالمقام الحجر، وعلى هذا لو صلى الإنسان تأخر عن أساس الكعبة متر واحد وصلى؟ جعل المقام الحجر خلفه، هل نقول: أنه أصاب السنة وامتثل الأمر: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [(125) سورة البقرة]؟ هذا المكان الذي قام فيه إبراهيم؟ أو نقول: لا بد أن تستقبل هذا الحجر وتضعه بينك وبين الكعبة؟ أقول: اللفظ محتمل، ولو قيل: بأن المراد الأمران معاً، الحجر الموجود في هذا المكان، لئلا يلزم عليه أنه لو أخرج الحجر عن الكعبة، لو اجتهد والي من الولاة، وقال: يبعد لأنه يعوق الطائفين فيبعد، اقتضى نظره ذلك، نتبع هذا الحجر؟ أو المراد به الحجر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015