مقول بالاشتراك اللفظي فقط، وحكوا ذلك عن كل من قال بنفي الأحوال ـ وهم عامة أهل الإثبات ـ فصار مضمون نقلهم: أن مذهب عامة أهل الإسلام، ومتكلمة الإثبات ـ كابن كُلاب، والأشعري، وابن كَرَّام، وغيرهم، بل ومحققي المعتزلة؛ كأبي الحسين البصري وغيره ـ أن لفظ الوجود وغيره ـ مما يسمى الله به ويسمى به المخلوق ـ إنما يقال بالاشتراك اللفظي فقط من غير أن يكون بين المسميين معنى عام: كلفظ [المشتري] إذا سمي به المبتاع والكوكب، ولفظ [سهيل] المقول على الكوكب والرجل , وهذا النقل غلط عظيم عمن نقلوه عنه؛ فإن هؤلاء متفقون على أن هذه الأسماء عامة متواطئة ـ كالتواطؤ العام الذي يدخل فيه المشكك ـ تقبل التقسيم والتنويع، وذلك لا يكون إلا في الأسماء المتواطئة، كما نقول: الموجود ينقسم إلى قديم ومُحدَث، وواجب وممكن.
بل هؤلاء الناقلون بأعيانهم ـ كأبي عبد الله الرازي وأمثاله من المتأخرين ـ يجمعون في كلامهم بين دعوى الاشتراك اللفظي فقط وبين هذا التقسيم في هذه الأسماء، مع قولهم: إن التقسيم لا يكون إلا في الألفاظ المتواطئة المشتركة لفظًا ومعنى، لا يكون في المشترك اشتراكًا لفظيًا. ومن جملتها التي يسمونها المشككة لا يكون التقسيم في الأسماء التي ليس بينها معنى مشترك عام.
فهذا تناقض هؤلاء الذين هم من أشهر المتأخرين بالنظر والتحقيق للفلسفة والكلام، قد ضلوا في هذا النقل ـ وهذا البحث في مثل هذا الأصل ضلالًا لا يقع فيه أضعف العوام ـ وذلك لما تلقوه عن بعض أهل المنطق من القواعد الفاسدة التي هي عن الهدي والرشد حائدة؛ حيث ظنوا أن الكليات المطلقة ثابتة في الخارج جزءًا من المعينات، وأن ذلك يقتضي تركيب المعين من ذلك الكلي المشترك ومما يختص به، فلزمهم على هذا القول أن يكون الرب ـ تعالى ـ الواجب الوجود مركبًا من الوجود المشترك، ومما يختص به من الوجوب أو الوجود أو الماهية، مع أنه من المشهور عند أهل المنطق أن الكليات إنما تكون كليات في الأذهان لا في الأعيان.