[القوة] قد يعم القوة التي في الجمادات بخلاف لفظ القدرة؛ فلهذا كان المنفي بلفظ [القوة] أشمل وأكمل. فإذا لم تكن قوة إلا به لم تكن قدرة إلا به بطريق الأولى. وهذا باب واسع.

والمقصود هنا أن الناس متنازعون في جنس [الحركة العامة] التي تتناول ما يقوم بذات الموصوف من الأمور الاختيارية كالغضب والرضا والفرح، وكالدنو والقرب والاستواء والنزول، بل والأفعال المتعدية كالخلق والإحسان وغير ذلك على ثلاثة أقوال:

أحدها: قول من ينفي ذلك مطلقًا وبكل معنى، فلا يجوز أن يقوم بالرب شيء من الأمور الاختيارية. فلا يرضى على أحد بعد أن لم يكن راضيًا عنه، ولا يغضب عليه بعد أن لم يكن غضبان، ولا يفرح بالتوبة بعد التوبة، ولا يتكلم بمشيئته وقدرته إذا قيل: إن ذلك قائم بذاته.

وهذا القول أول من عرف به هم [الجهمية] و [المعتزلة] وانتقل عنهم إلى الكُلابية والأشعرية والسالمية ومن وافقهم من أتباع الأئمة الأربعة، كأبي الحسن التميمي، وابنه أبى الفضل، وابن ابنه رزق الله، والقاضي أبى يعلى، وابن عقيل وأبي الحسن بن الزاغوني، وأبى الفرج بن الجوزي؛ وغير هؤلاء من أصحاب أحمد ـ وإن كان الواحد من هؤلاء قد يتناقض كلامه ـ وكأبي المعالي الجُوَيْنِيّ وأمثاله من أصحاب الشافعي، وكأبي الوليد الباجي وطائفة من أصحاب مالك، وكأبي الحسن الكَرْخي وطائفة من أصحاب أبي حنيفة.

والقول الثاني: إثبات ذلك، وهو قول الهشامية والكرامية وغيرهم من طوائف أهل الكلام، الذين صرحوا بلفظ الحركة.

وأما الذين أثبتوها بالمعنى العام حتى يدخل في ذلك قيام الأمور والأفعال الاختيارية بذاته، فهذا قول طوائف غير هؤلاء، كأبي الحسين البصري، وهو اختيار أبى عبد الله بن الخطيب الرازي، وغيره من النظار، وذكر طائفة: أن هذا القول لازم لجميع الطوائف.

وذكرعثمان بن سعيد الدارمي إثبات لفظ الحركة في كتاب نقضه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015