الإنسان بعد جهله، وحبه بعد بغضه، وإيمانه بعد كفره، وفرحه بعد حزنه، ورضاه بعد غضبه، كل هذه الأحوال النفسانية حركة في الكيف، وهذا مما احتج به من جوز منهم الحركة، فإن إرادته لإحداث الشيء عندهم حركة. والحركة في الكم: مثل امتداد الشيء، مثل كبر الحيوان بعد صغره، وطوله بعد قصره، ومثل امتداد الشجر والنبات وامتداد عروقه في الأرض وأغصانه في الهواء، فهذا حركة في المقدار والكمية، كما أن الأول حركة في الصفات والكيفية.

وأما الحركة في الوضع: فمثل دوران الشيء في موضع واحد، كدوران [الفلك] و [المنجنون] الذي يسمى الدولاب، وكحركة الرحى وغير ذلك، فإنه لا ينتقل من حيز إلى حيز، بل حيزه واحد، لكن يختلف في أوضاعه، فيكون الجزء منه تارة محاذيًا للجهة العليا فيصير محاذيًا للجهة السفلى، أو للجهة اليمنى فيصير محاذيًا للجهة اليسرى.

وهذا النوع يقولون: إن ابن سينا زاده.

والرابع: الحركة في الأين: وهي الحركة المكانية، وهو انتقاله من حيز إلى حيز.

وأما عموم أهل اللغة فيطلقون لفظ الحركة على جنس الفعل. فكل من فعل فعلًا فقد تحرك عندهم، ويسمون أحوال النفس حركة، فيقولون: تحركت فيه المحبة، وتحركت فيه الحمية، وتحرك غضبه، وتوصف هذه الأحوال بالحركة والسكون، فيقال: سكن غضبه، قال تعالى: {وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ} [الأعراف: 154] ، فوصف الغضب بالسكوت، وفي قراءة ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ ومعاوية ابن قرة، وعكرمة: [ولما سكن] بالنون وعلى القراءة المشهورة [بالتاء] قال المفسرون: سكت الغضب: أي سكن. وكذلك قال أهل اللغة؛ الزجاج وغيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015