فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر [النزول] أيضًا إذا مضى ثلث الليل الأول وإذا انتصف الليل؛ فقوله حق وهو الصادق المصدوق، ويكون النزول أنواعًا ثلاثة: الأول إذا مضى ثلث الليل الأول، ثم إذا انتصف وهو أبلغ، ثم إذا بقي ثلث الليل، وهو أبلغ الأنواع الثلاثة.

ولفظ " الليل والنهار " في كلام الشارع إذا أطلق، فالنهار من طلوع الفجر، كما في قوله سبحانه وتعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ} [هود: 114] ، وكما في قوله صلى الله عليه وسلم: " صم يومًا وأفطر يومًا " وقوله: " كالذي يصوم النهار ويقوم الليل " ونحو ذلك، فإنما أراد صوم النهار من طلوع الفجر، وكذلك وقت صلاة الفجر، وأول وقت الصيام بالنقل المتواتر المعلوم للخاصة والعامة والإجماع الذي لا ريب فيه بين الأمة، وكذلك في مثل قوله صلى الله عليه وسلم: " صلاة الليل مَثْنَى مَثْنَى، فإذا خِفْتَ الصبح فأوتر بركعة ". ولهذا قال العلماء ـ كالإمام أحمد بن حنبل وغيره ـ: إن صلاة الفجر من صلاة النهار.

وأما إذا قال الشارع صلى الله عليه وسلم: " نصف النهار " فإنما يعني به النهار المبتدئ من طلوع الشمس، لا يريد قط ـ لا في كلامه ولا في كلام أحد من علماء المسلمين بنصف النهارـ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015