[ومن أهل البدع من يكون فيهم إيمان باطناً وظاهراً].
هذه الكلمة لو لم تصدر من شيخ الإسلام لأنكرها من أنكرها، يقول: "ومن أهل البدع من يكون فيه إيمان ظاهراً وباطناً"، حتى ولو كان صاحب بدعة خارجاً عن أهل السنة.
وإذا قيل: إن فيه إيماناً ظاهراً وباطناً فإنه لا يلزم من ذلك أن يكون سابقاً بالخيرات فقد يكون ظالماً، وهذا هو الأصل فيهم أو الغالب عليهم: أنهم ظالمون لأنفسهم ..
[لكن فيه جهل وظلم حتى أخطأ من أخطأ من السنة، فهذا ليس بكافر ولا منافق]
"ليس بكافر ولا منافق" وهذا يوجد في أكثر طوائف أهل البدع.
[ثم قد يكون منه عدوان وظلم يكون به فاسقاً أو عاصياً].
أي: قد يكون خطأه هذا وبدعته هذه عن عدوان وظلم، كما هو الغالب على من انتسب لطائفة بدعية وعزل نفسه عن السنة والجماعة، فهذا في الغالب يصدر عن تفريط؛ والتفريط هو المقصود بكلمة عدوان وظلم، وقد يكون ذلك من الخطأ المغفور له ولو كان قوله بدعة، كغلط بعض أعيان السنة والجماعة الذين عرضت لهم بعض البدع القولية، فهذا في الغالب أنه يقع عن خطأ محض، أي: ليس عن تقصير وتفريط، وهذا من باب الخطأ المغفور بإذن الله تعالى، أما مسألة التعيين فهذه مسألة إلى الله سبحانه.
[وقد يكون مخطئاً متأولاً مغفوراً له خطأه، وقد يكون مع ذلك معه من الإيمان والتقوى ما يكون معه من ولاية الله بقدر إيمانه وتقواه، فهذا أحد الأصلين].
إذاً: قد يكون عنده قدر من الولاية ولو كان عنده بعض البدع.
وإذا قيل: كيف يكون عنده قدر من الولاية مع أن الله يقول سبحانه وتعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس:62 - 63]؟
يقال: الولاية بمنزلة اسم الإيمان، أي: كما أن للإيمان إطلاقاً وتقييداً، فكذلك الولاية، فهي فرع عن الإيمان، فمن حقق الإيمان حقق الولاية، ومن نقص الإيمان نقص الولاية.
وأما ما يتبادر من أن الولاية مقام ليس له كمال وأصل، وإنما هو مقام واحد ..
فهذا ليس بصحيح، بل هي كالإيمان، وهي فرع عنه، فلها كمالٌ ولها أصل.