[فإن الله منذ بعث محمداً صلى الله عليه وسلم، وأنزل عليه القرآن، وهاجر إلى المدينة صار الناس ثلاثة أصناف:].
وهذا استدلال من القرآن -كما في صدر سورة البقرة وغيرها- على هذا التقسيم عند شيخ الإسلام؛ وهو تقسيم صائب عقلاً وشرعاً، فإنه لا يوجد في العقل ولا في الشرع أيضاً ذكر لأقسام الناس إلا على هذه الأنحاء الثلاثة، إلا الحالة العارضة التي سبق الإشارة إليها.
[مؤمن به، وكافر به مظهر الكفر، ومنافق مستخفٍ بالكفر، ولهذا ذكر الله هذه الأصناف الثلاثة في أول سورة البقرة، ذكر أربع آيات في نعت المؤمنين؛ وآيتين في الكفار؛ وبضع عشرة آية في المنافقين].
وننبه هنا إلى أنه ينبغي أن تتدبر مسائل التكفير من سياقات القرآن، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ففي أول سورة البقرة تقرير لأصول أقسام الناس في مقام الكفر ومقام الإيمان الظاهر والباطن، وهو تقسيم جامع مانع -إن صح التعبير- ومحكم في ذكر أصناف بني آدم ومقامهم من الديانة الظاهرة والباطنة.