[ولهذا كان أول من فارق جماعة المسلمين من أهل البدع: الخوارج المارقون.
وقد صح الحديث في الخوارج عن النبي صلى الله عليه وسلم من عشرة أوجه خرجها مسلم في صحيحه، وخرج البخاري منها غير وجه].
وهذا قد نص عليه الإمام أحمد، قال رحمه الله: "صح الحديث في الخوارج من عشرة أوجه".
وبدعة الخوارج: أنهم كفروا مرتكب الكبيرة من المسلمين، وأنهم انتصبوا بطائفتهم على قدر من الموالاة والمعاداة لغيرهم من المسلمين ..
وهذا لا يجوز، إلا إذا كان هذا على مقام السنة والجماعة -أي: موالاة أهل السنة ومعاداة أهل البدع-.
[وقد قاتلهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب].
علي رضي الله عنه أمير المؤمنين، وخلافته إمارة وخلافة نبوية، وهو رابع الخلفاء الراشدين كما هو معروف في شأنه رضي الله عنه، وقد قال الإمام أحمد وغيره: "من لم يربع بـ علي في الخلافة فهو أضل من حمار أهله".
فقال له بعض العراقيين: قد كان لا يربع به من لا يقال إنه أضل من حمار أهله ..
يقصدون من قاتله من الصحابة كـ معاوية، فإنهم ما كانوا يرون خلافته، فقال الإمام أحمد: "أنا لست من حربهم في شيء".
وهذا من فقه الإمام أحمد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم -وقد كان الإمام أحمد يحتج بهذا الحديث كثيراً- قال فيما رواه سفينة: (الخلافة بعدي ثلاثون سنة) فبهذا الحديث علم أن خلافة علي بن أبي طالب كانت خلافةً راشدةً نبوية.
وأما من اجتهد كـ معاوية فلم يحقق هذا المعنى -وهو العلم بخلافة علي بن أبي طالب - فإن مخالفة واحد من الأعيان حتى لو كان عالماً مجتهداً لا ترفع الحكم الشرعي، وهذا معنىً يطرد إلى أنه: إذا تحقق المعنى من كلام الله ورسوله فخفي على بعض الكبار من العلماء فخفاؤه على بعض الأعيان لا يعني كونه متردداً في ثبوته.
فالقصد: أن علياً كان هو الخليفة الراشد والرابع والأخير، ولا يصح أن يقال: إن عمر بن عبد العزيز هو الخليفة الخامس، فإن الخلافة انتهت بهذه الثلاثين سنة، وهي خلافة النبوة، أما ما بعدها فهو الملك، فـ معاوية رضي الله عنه هو أول ملك من ملوك المسلمين، ثم إن معاوية رضي الله عنه أفضل من عمر بن عبد العزيز، وقد حكى الإمام ابن تيمية الإجماع على أن معاوية بن أبي سفيان هو أفضل ملوك المسلمين، وقد أنكر الإمام أحمد وغيره من كبار أئمة السنة على من قال: إن عمر بن عبد العزيز هو الخليفة الخامس.