الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فيأتي التعليق على هذه الرسالة الفاضلة للإمام ابن تيمية رحمه الله، بعد التعليق على كتاب الإيمان لـ أبي عبيد، وكأنه يمكن أن يقال: إن رسالة شيخ الإسلام رحمه الله فيها تقريرٌ لمنهج السلف في مسائل أصول الدين مجملاً، وكلامٌ في باب التكفير وبعض الأصول السلفية المقولة عند السلف فيه.
والتناسب بين الرسالتين تناسبٌ علميٌ صحيح؛ فإن القول في التكفير ومسائله إنما يقع فرعاً عن تحقيق وضبط القول في الإيمان، ولهذا قال شيخ الإسلام وغيره: "الكفر ضد الإيمان".
ولا شك أن الإيمان والكفر -الذي هو الكفر بالله- لا يجتمعان، فإن كل من كان كافراً من الممتنع أن يكون مؤمناً، وكل من كان مؤمناً من الممتنع أن يكون كافراً.
وعليه: فإن من المسائل التي ينبه إليها -ولا سيما في حال كثرة البحث في مسائل التكفير- أن من أخص المقاصد لضبط هذا الباب من الشريعة، ومتى يقع الكفر، ومتى يقع التكفير ..
إلى غير ذلك، يعتبر بتحقيق أصول، أخصها: تحقيق القول في الإيمان عند السلف، ومراد السلف بقولهم: الإيمان قولٌ وعمل، وزيادة الإيمان ونقصانه، والنفاق مع الإسلام ..
إلى غير ذلك من المسائل.
فالقصد هنا: بيان أن التناسب متينٌ بين كتاب الإيمان وهذه الرسالة من هذا الوجه؛ فإنه لا يفقه القول بالتكفير إلا من كان فقيهاً بقول السلف في باب الإيمان وقولهم فيه.
وللحديث عن هذه الرسالة للإمام ابن تيمية رحمه الله، نقدم بين يديها سؤالات لابد لطالب العلم من ضبطها، لأن ضبطها يعتبر أصلاً في المنهج السلفي.