الشيخ محمد بن عبد الوهاب والمذهبية

إذاً: التمذهب الذي ليس على تعصبٍ وانتصار مطلق ليس غلطاً، بل هو أمر سائغ ليس بمشروع، ولا يجوز أن ينقسم السلفيون إلى قسمين: هؤلاء مذهبيون وهؤلاء ليسوا بمذهبيين، حتى قيل عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب: إنه سلفيٌ العقيدة ليس سلفي المنهج.

وهذا القول غير صحيح؛ لأنه ما كان حنبلياً متعصباً.

قد يقول قائل: إنا سبرنا أقواله فلم نجد له خروجاً عن المذهب الحنبلي أو عن روايات أحمد.

فيقال: الكلام عن المذهب الحنبلي موضوع طويل، وقد قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: "إني تأملت المسائل فلم يظهر مسألةٌ فيها رجحان من الكتاب والسنة إلا ولـ أحمد فيها رواية في الجملة".

فقد يظهر للباحث أن الراجح أو ما يراه راجحاً، أنه خلاف المذهب الحنبلي، لكن عندما يعود إلى روايات الإمام أحمد أو ما ذكره الأصحاب من رواياته كصاحب الفروع أو الإنصاف، في الغالب -لا نقول: دائماً في الفروضات الجدلية- أن الإمام أحمد رحمه الله يكون له رواية.

فالشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لم يخرج عن روايات أحمد، إلا أنه قال كلمة تبين أنه ليس متعصباً، وإنما متمذهب على التراتيب العلمية فقط.

من المعلوم أن أجل كتابين عند الحنابلة المتأخرين في ضبط المذهب الحنبلي هما الإقناع والمنتهى، فما اتفق عليه صاحب الإقناع والمنتهى يقول المتأخرون عنه مباشرة: هذا مذهب الإمام أحمد، ولهذا تفاصيل ليست مهمة عندنا الآن.

لكن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله يقول: "أكثر ما في الإقناع والمنتهى مخالف لمذهب أحمد ونصه" ..

فهل هذا القول يصدر عن متعصب؟

فالقصد: أن طلبة العلم من السلفيين لا ينبغي أن يختلفوا على مثل هذه المسائل، وأن يكون فيها خفضٌ ورفعٌ ليس على هديٍ سالف، بل لابد من ضبط الأمور، وكل من خرج عن هدي صاحب الرسالة البين، قيل: خرج عن السنة والجماعة.

هذه المقدمة بتوابعها كان لابد منها، وينبغي أن يجري فيها نقاشٌ معتدل ومتحرر ومنصف ومنضبط.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015