نعم في هذا الحديث يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعادة أصحاب المختصرات أن يأتوا بالحديث الأول عن فلان، عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لأنه كلام جديد مستأنف، لم يسبقه كلام آخر، وتقدير ذلك أروي عن عمر بن الخطاب، ثم الحديث الثاني: وعن عائشة -رضي الله عنها- وعن ابن عمر، وعن ابن عمرو، وعن أبي موسى، كلها تعطف على ما تقدم، هذه هي الجادة، وعلى كل حال الأمر واضح ولا فيه لبس ولا فيه إشكال حتى لو حذفت الواو، عن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)) وشبك بين أصابعه" يعني افترض أن شخصاً مؤمناً خالياً بنفسه ليس عنده أحد، ترجحت عنده العزلة واعتزل، أو كان من طبعه أنه لا يحب الخلطة فاعتزل مثل هذا يحصل النقص والخلل عنده الكبير في أمور الدنيا وهذا ظاهر، وفي أمور الدين أيضاً؛ لأن الناس يحتاجون إلى أن يشد بعضهم بعضاً، يشجع بعضهم بعضاً، يسند بعضهم بعضاً، حاجة فلان عند فلان فتقضى مقابل حاجة فلان عند فلان، فالمسلمون والمؤمنون كالبنيان، بلا شك يعني الخلل لو انفرد الإنسان بنفسه، مثل الخلل الذي يحصل عند انصداع الجدار، فحيث ينفرج بعضه عن بعض، لا شك أنه مآله إلى السقوط، فإذا اجتمع المؤمنون وتكاملوا، كل عنده مما يحتاجه غيره ما ليس عند غيره، لا شك أن الأمور تتكامل، والمؤمن أو الإنسان عموماً كما يقرر ابن القيم -رحمه الله تعالى- مدني بالطبع، يقرر ابن القيم في مواضع من كتبه، وإن كانت تنسب لابن خلدون؛ لكن ابن القيم قبل ابن خلدون، مدني بطبعه، لا يمكن أن يعيش بمفرده، هو بحاجة إلى أن يأكل، وإلى أن يشرب، وإلى أن يأنس، وإلى أن يتزوج وينجب ويتعامل ولذلك شرعت المعاملات؛ فكل إنسان بحاجة إلى ما في يد أخيه في البيع والشراء، ولذلكم أحل الله البيع، أما إنسان يقول: أنا لست بحاجة إلى الناس، نعم قد يحتاج إلى التقليل من مخالطة الناس ومعاشرتهم، هذا يمكن إذا رأى أن المصلحة في ذلك؛ لكن ينقطع انقطاعاً كلياً، وينفرد عن الناس حصل هذا لبعض الناس فوجدوا موتى،