الحديث الثاني عشر: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((المؤمن القوي خير، وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تَعْجَز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا، كان كذا وكذا، ولكن قل: قدَّر الله وما شاء فعل، فإن لَوْ تفتح عمل الشيطان)) [رواه مسلم].
نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف)) نعم المؤمن الضعيف فيه خير كثير ينفع نفسه؛ لكن المؤمن القوي ينفع نفسه ويتعدى نفعه إلى غيره، والكل فيه خير، ((المؤمن القوي خير)) وهذه أفعل تفضيل، خير وشر من أفعل التفضيل، وأفعل التفضيل هنا مثلها أحب مستعملة على بابها، أفعل التفضيل مستعمل على بابه، بمعنى أن المؤمن القوي والمؤمن الضعيف في كل منهما خير، يشتركان في هذه الصفة، ويزيد أحدهما وهو المؤمن القوي في هذه الصفة على الثاني وهو المؤمن الضعيف، فهي مستعملة على بابها؛ لكن في مثل قوله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [(24) سورة الفرقان] هل هي على بابها؟ لا، ليست على بابها، لماذا؟ لأنه لا يشترك أصحاب الجنة وأصحاب النار بالخير؛ لأن أصحاب النار لا خير عندهم، ولا خير فيهم، ولا أعد لهم شيء من الخير، بل هم في شر مستمر، فأفعل التفضيل ليست على بابها، وهنا في الحديث أفعل التفضيل على بابها، فالمؤمن القوي فيه خير، والمؤمن الضعيف فيه خير؛ لكن وإن اشتركا في هذه الصفة إلا أن المؤمن القوي أدخل وأعرق في هذه الصفة، وأعظم في هذه الصفة من المؤمن الضعيف لما يترتب على ذلك من قوة وحزم وعزم وإصرار على أفعال الخير اللازمة والمتعدية، المؤمن الضعيف قد يضعف عن بعض ما أوجب الله عليه، وقد تضعف نفسه أمام المغريات فيرتكب بعض ما نهى الله عنه، وقد يضعف أيضاً عن إيصال وتعدية الخير إلى غيره بخلاف المؤمن القوي، وإن كان في الجميع خير؛ لأن الإيمان خير.