نعم هذا حديث معاوية -رضي الله عنه- في الصحيحين وغيرهما ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) ((من يرد الله به خيراً)) (خيراً) نكرة في سياق الشرط فتعم جميع أنواع الخير، قد يقول قائل: نعم نكرة في سياق الشرط والأصل فيها أنها للعموم؛ لكن نشوف من تفقه في الدين بعضهم فقراء، ومن أسماء المال الخير {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} يعني مالاً، فكيف ((من يرد الله به خيراً)) وفقير ما عنده خير ما عنده مال؟ نقول: يا أخي هذا الخير وإن سماه الله -جل وعلا- خيراً بحسب ما تعارف عليه الناس إلا أنه بالنسبة لخير الآخرة كلا شيء؛ لأن بعض الناس يقول: ((من يرد الله به خيراً)) الخير المال، {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [(180) سورة البقرة)] ونجد بعض من تفقه في الدين لا مال له؟ هل نقول: أن هذا الخبر خالف الواقع؟ لا، خير الدنيا بالنسبة لخير الآخرة كلا شيء، ولذا جاء في الحديث الصحيح: ((من نفس عن مسلم كربةً من كرب الدنيا نفس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة)) من قال: من كرب الدنيا والآخرة؛ لأن كرب الدنيا كلها لا شيء بالنسبة لكرب يوم القيامة، ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) والفقه الفهم، والمراد به ما يترتب عليه من العمل به؛ لأن الفقه والفهم والعلم إذا لم يقترن بالعمل لا قيمة له، بل هو وبال على صاحبه، فضلاً عن أن يقرن بشيءٍ من المخالفات من المعاصي، قد يقول قائل: نجد من فقهه الله في الدين وعنده مخالفات، بعض الفساق يحملون شيئاً من الدين، نقول: هذا ما يحمله الفاسق من الدين ومن الفقه ليس بعلمٍ ولا فقه في الحقيقة ((يحمل هذا العلم من كل خلفٍ عدوله)) فما يحمله الفساق وإن سماه الناس علماً وسموه فقهاً إلا أنه ليس بشيء؛ لأن الفقه في الدين إنما هو في الحقيقة ما نفع، أما الذي لا ينفع فليس بفقه، وليس بعلم ((يحمل هذا العلم من كل خلفٍ عدوله)) العدول الثقاة هم الذين يحملون العلم، العلم الحقيقي النافع، أما ما يحمله غيرهم وإن سمي علماً بمعنى أنه إدراك وتحصيل لبعض العلوم لكنه في الحقيقة ليس بعلم، ويشير إلى ذلك قوله -جل وعلا-: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ} [(17) سورة