أيضاً هناك ظروف وصنوف من العلوم هي على خلاف الواقع، فمثلاً المناظرات بعض العلماء يعقد مناظرات، مناظرة بين سني وقدري، مناظرة بين سني وشيعي، مناظرة بين سني وجهمي، قال السني، قال الجهمي، وما في أحد، هو الذي نسجها، وأخبر عن هذه المناظرة بخلاف الواقع، سلكها أهل العلم ورأوا أن المصلحة راجحة في مثل هذا، أيضاً المقامات، مقامات الحريري خمسمائة صفحة، مقامات البديع، مقامات السيوطي، حدث الحارث بن همام قال: ما حدث ولا حُدث؛ لكن قالوا: أن في هذه المقامات من العلوم لا سيما علوم اللغة يحتاج إليها طلاب العلم، وهذه وسيلة من وسائل التعليم يروا أنها يتجاوز عنها، ولذا قال الحريري تمنى أن لو خرج منها كفافاً لا له ولا عليه، رغم أنها نفعت حقيقةً هذه المقامات نفعت، والنحاة كلهم يتواطئون على قولهم: (ضرب زيد عمراً) لا ضارب ولا مضروب، لا زيد ولا عمرو، مثل هذه الأمور يتجاوزون، ويتسامحون فيها؛ لأن المصلحة المترتبة عليها أعظم من المفسدة، عقد مناظرة بين العلوم، قال علم التفسير كذا، قال علم الحديث كذا، رد علم الفقه بكذا .. الخ، لا راد ولا مردود، هذا لا شك أنه إخبار عما هو في الحقيقة خلاف الواقع؛ لكن أهل العلم يستثنون مثل هذا للمصلحة الراجحة المترتبة عليه.