ونبدأ بالمقصود بعد هذه المقدمة التي نرجو أن تكون نافعة، الحال يستدعي أكثر من ذلك؛ لكن الأحاديث تسعة وتسعين حديث في مدة ستة أيام، ما أدري على أي وجهٍ تشرح هذه الأحاديث، نحن بحاجة في كل يوم إلى أن نأخذ ستة عشر حديث سبعة عشر حديث، ما أدري كيف نشرح، والله المستعان؛ لأن هذه الأحاديث جوامع، كل حديث على الأقل الأحوال يحتاج إلى يوم، أقل الأحوال يكفيه يوم، كل حديث؛ لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله، نأتي بشيءٍ منه، مما نرى أن طلاب العلم بحاجة إليه، نسأل الله الإعانة والتوفيق والتسديد والعصمة من الزلل في القول والعمل.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ، وصدق اتباعٍ إلى يوم الدين، أما بعد: فيقول العلامة المؤلف الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي عليه -رحمه الله تعالى- وغفر له ولنا ولشيخنا أجمعين:
"الحمد لله، المحمود على ما له من الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العظيمة العليا، وعلى آثارها الشاملة للأولى والأخرى، وأصلي وأسلم على محمد أجمع الخلق لكل وصف حميد، وخلق رشيد، وقول سديد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه من جميع العبيد، أما بعد: فليس بعد كلام الله أصدق ولا أنفع ولا أجمع لخير الدنيا والآخرة من كلام رسول وخليله محمد -صلى الله عليه وسلم- إذ هو أعلم الخلق، وأعظمهم نصحاً وإرشاداً وهداية، وأبلغهم بياناً وتأصيلاً وتفصيلاً، وأحسنهم تعليماً.
وقد أوتي -صلى الله عليه وسلم- جوامع الكلم، واختصر له الكلام اختصاراً، بحيث كان يتكلم بالكلام القليل لفظه، الكثيرة معانيه، مع كمال الوضوح والبيان الذي هو أعلى رتب البيان، وقد بدا لي أن أذكر جملة صالحة من أحاديثه الجوامع في المواضيع الكلية، والجوامع في جنس أو نوع أو باب من أبواب العلم، مع التكلم على مقاصدها، وما تدل عليه، على وجه يحصل به الإيضاح والبيان مع الاختصار، إذ المقام لا يقتضي البسط، فأقول: مستعيناً بالله، سائلاً منه التيسير والتسهيل.
الحديث الأول: