نعم هذا الحديث في أذكار السفر، ودعاء السفر، يقول: كان إذا استوى، (كان) تدل على الاستمرار، كما هو معروف، كان إذا استوى على بعيره، استوى يعني ركب، وفي روايةٍ: إذا وضع رجله في الغرز خارجاً إلى سفر كبّر ثلاثاً قائلاً: ((الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر)) ثم قال: ((سبحان الذي سخّر لنا هذا)) نزه الله -جل وعلا- عما لا يليق به الذي سخّر له هذه النعمة، الذي سخر له النعمة التي تنقله من بلد إلى بلد، ومن قطر إلى قطر، كلكم يدرك ما في المشي على الأقدام من صعوبة، تصور تمشي آلاف الأميال على قدميك هذه صعوبة شديدة، وقل مثل هذا في الوسائل القديمة، لو كنت تقطع الفيافي والقفار، تقطع القارات على حمار، تصور المشقة اللاحقة بك؟ ومع ذلك تقول: سبحان الذي سخر لنا هذا؛ لأنه أفضل من المشي على الأقدام، تصور أنك على بعير، وأنت في الليل والنهار تهز على هذا البعير، خمسة أشهر، ستة أشهر، يعني شيء؟! في رحلة ابن جبير من سواحل الشام إلى الأندلس ستة أشهر على السفينة، ستة أشهر، والآن في ساعة، أو ساعتين، يعني نِعَم تحتاج إلى شكر، ومع ذلكم لما قارب مشارف الأندلس جاءت عاصفة وردته إلى الشام في ثلاثة أيام، الآن هيئ لنا من الأسباب شيء ما يخطر على الباب، يعني أقل الوسائل الآن السيارة، ومع ذلك بإمكان الإنسان الآن أن ينتقل من بلد إلى آخر ألف كيلو وهو جالس رجل على رجل كأنه في بيته، القهوة والشاهي وكتب إن كان معه يقرأ ويطالع ويصحح ويرد على التلفون، ويسأل ويفتي، ويطمئن على .. يعني شيء ما يخطر .. نِعَم نِعَم لكنها تحتاج إلى شيء، النعم إذا شكرت قرّت؛ لكن هل نلاحظ أن كثير من الناس شكر يقابل هذه النعم؟ كثير من الناس يستعمل هذه النعم فيما لا يرضي الله -جل وعلا- مع الأسف الشديد، فنحن بحاجة إلى استمرار في الذكر والشكر؛ لأن الشكر هو السبب الحقيقي في المحافظة على هذه النعم، وإذا أردنا أن نحافظ على هذه النعم، ومن أعظمها نعمة الأمن علينا أن نشكر، ونسعى في تحقيق الأسباب والوسائل الحقيقية للمحافظة على هذا الأمن، وهذه النعم التي نعيشها، ((سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين)) ما كنا مطيقين، ما نستطيع أن نصل إلى هذه الأمور، يعني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015