هذا الحديث حديث عظيم، ينبغي للمسلم أن يفرح به أشد الفرح، كما فرح به الصحابة؛ لكن ليست المسألة دعوى ولا أماني ((المرء مع من أحب)) كلنا يدعي أنه يحب الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ونحب أبا بكر، ونحب عمر، ونحب الأنبياء، ونحب العلماء العاملين المخلصين المحققين كلنا ندعى هذا؟ لكن الكلام ما الذي يصدق هذه الدعوى؟ الذي يخالف أمر الرسول -عليه الصلاة والسلام- يحب الرسول؟ {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ} [(31) سورة آل عمران] هذه الدعوى المصدقة في العمل، فالذي يعصي الله -جل وعلا-، ويعصي أوامر الرسول -عليه الصلاة والسلام- كاذب في دعواه.
تعصي الإله وأنت تزعم حبه ... هذا لعمري في القياس شنيعُ
لو كان حبك صادقاً لأطعته ... إن المحب لمن يحب مطيعُ
الرسول يأمرك بالأمر، وينهاك عن النهي، ولا يحرك فيك ساكن، وتقول: أحب الرسول -عليه الصلاة والسلام-؟ كثير من المسلمين في أقطار الأرض مخالفون مضادون للنبي -عليه الصلاة والسلام- ولأقواله ولأفعاله، وإذا جاء يوم المولد زعموا أنهم يحبون الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ويرمون من لا يزاول هذه الأمور البدعية بعدم محبة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويزعمون أنهم هم الذين يحبون النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ هذا الكلام ليس بصحيح، إنما من يحب أحد لا بد أن يتبعه، يعني على مستوى الأفراد، الآن لو شخص يحب آخر أو يحب امرأة أعجب بها وأحبها تأمره بأدنى شيء فلا يطيعها هذا حب؟ هذا ليس بحب، كاذب في حبه؛ لكن مع ذلك المرء مع من أحب، فلتكن محبته لله ورسوله والصحابة والأتباع بإحسان والأنبياء مخلصاً صادقاً في محبته ليتحقق له هذا الوعد.