الغضب خلق ذميم يحمل صاحبه على التصرفات التي إذا عاد إلى رشده ندم عليها، وكم من شخص ملكه الغضب فتصرف تصرفاً أوقعه في حرجٍ طيل حياته، تكلم على شخص بكلمة، اعتدى على آخر بضرب، طلق زوجته، أفسد ماله بسبب الغضب، هذه النصيحة الغالية من النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تغضب)) ثم ردده مراراً أوصني فقال: ((لا تغضب)) أوصني يا رسول الله، كأنه ما اقتنع بهذه الوصية، يعني لا تغضب وش غيرها؟ فقال: ((لا تغضب)) [رواه البخاري] لأن الإنسان إذا غضب لا شك أنه يفقد التوازن، ويتصرف تصرف يلام عليه، وقد يتصرف تصرفاً يودي بحياته، فما وجد القتل المقتضي للقصاص إلا بسبب الغضب، ما تجد أحد يقتل آخر وهو يضحك، ما يمكن؛ لكن في حال الغضب وحضور الشيطان يحصل القتل، وقل مثل هذا في الاعتداء بالضرب وغيره، فالغضب خلق ذميم، وصفة قبيحة تجر على صاحبها، أو تجر صاحبها إلى ما لا تحمد عقباه؛ لكن قد يقول قائل: أنا جبلت على هذا ونلاحظ من الناس من هو سريع الغضب؛ لكن عليه أن يكظم، والخلق بالتخلق، والصبر بالتصبر، فإذا جاهد نفسه على هذا أعانه الله -جل وعلا-، والغرائز كلها منها: ما هو جبلي مفطور عليه الشخص لا يستطيع أن يتنصل منه وهو قسم منها كبير مكتسب بالتخلق والتطبع، والله -جل وعلا- يعين الشخص إذا لجأ إليه بصدق.
الحديث الثاني والسبعون: عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرةٍ من كبر)) فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً فقال: ((إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس)) [رواه مسلم].