((ولخلوف فم الصائم)) الخلوف الرائحة التي هي في عرف الناس كريهة، التي سببها فراغ المعدة من الطعام إذا فرغت المعدة من الطعام انبعث هذه الروائح الكريهة، وهذا يسمى خلوف، ((ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)) لماذا؟ لأنها رائحة نشأت عن عبادة، أثر عبادة، ولذا الغبار في سبيل الله أمره عظيم، الدم دم الشهيد شأنه عظيم، وهو دم وهذه الرائحة الكريهة أيضاً أطيب عند الله من ريح المسك، ((والصوم جنة)) جنة وقاية يجتن بها الصائم، ويتقي بها، الصوم جنة، والتقوى من أعظم فوائد الصيام، كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [(183) سورة البقرة] هذه العلة والحكم من مشروعية الصيام {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} فهو جنة يقي العبد مما يكره في الدنيا والآخرة.
((وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يسخب)) الرفث: الكلام البذيء سواء كان منه ما يتعلق بالنساء وهو الأقرب أو غيره، ولا يصخب الكلام الذي فيه صخب ولغط ويؤدي إلى شجارٍ ونزاع كل هذا ممنوع منه المسلم مطلقاً، وهو يتأكد منع منه في حال الصيام، فلا رفث ولا فسوق ولا عصيان ولا صخب في حياة المسلم كلها، ومن باب أولى إذا كان متلبساً بعبادة كما هنا، فلا يرفث ولا يصخب، وفي الحج: ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) ((فإن سابه أحد أو قاتله)) اعتدى عليه بلسانه أو بيده ضاربه أو بسلاحه ((فليقل: إني امرؤ صائم)) يخبره بذلك ليكف وليخبره أنه ليس بعاجز عن الرد عليه، وإنما يحجزه هذه العبادة التي تلبس بها، ((فليقل: إني امرؤ صائم)) من أهل العلم من يرى أن مثل هذا الكلام يقال في صوم الفرض؛ لأن الناس كلهم صائمون والفرض لا يدخله رياء، مطلوب من الناس كلهم، أما في النفل لا ينبغي أن يقول: إني امرؤ صائم؛ لئلا يخبر بسريرته، ويكشف حقيقة أمره، وإن كان النص عام، يعني إذا سابه أحد أو قاتله يخبره بأنه ما حجزه وما منعه عن الاقتضاء منه والاقتصاص إلا الصيام، وإلا ليس بعاجز.