يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: عن أبي قتادة وهو الحارث بن ربعي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الهرة: ((إنما ليست بنجس)) والعلة في ذلك: ((إنها من الطوافين عليكم والطوافات)) يعني العلة المنصوصة، الهرة ليست بنجسة، هذا الحكم الشرعي، والعلة في ذلك كونها من الطوافين عليكم والطوافات، فهذه الطوافة من هذه الهرة لا شك أن الطوافة تقتضي مشقة التحرز، وكانت البيوت تعج بمثل هذه الحيوانات، لا يستطيع أحد أن يتحرز منها، الآن خفت في البيوت لإحكام الأبواب، الأبواب محكمة؛ لكن مع ذلك تبقى من الطوافين، والعلة منصوصة، نقول: العلة المنصوصة، والعلل المنصوصة تدور مع الأحكام، فإذا وجدت هذه الطوافة من أي حيوانٍ كان بحيث يشق التحرز منه فإنه يأخذ نفس الحكم بالقياس، منهم من يقول: يأخذ الحكم بعموم العلة، ومنهم من يقول: بالقياس والعلة تجمع بينهما، الرابط العلة، أهل العلم نظروا إلى النص باعتبار أن الطوافة من لازمها المشقة، فإذا كان من يخالط الناس ويطوف عليهم بحيث يشق عليهم التحرز منه تسليةً له، ولذا قالوا: "وسؤر الهرة وما دونها في الخلقة طاهر" كيف نظروا إلى الخلقة؟ يعني لو جاءت فأرة وشربت من ماء نقول: طاهر وإلا نجس؟ طاهر ليش؟ لأنها دون الهرة، ويشق التحرز منها، لماذا لم ينظروا إلى ما هو أعظم من الهرة من الطوافين؟ لأن ما هو أعظم من الهرة لا يشق التحرز منه، يعني الهر لصغر حجمه، وما دونه في الخلقة من باب أولى، يمكن يغالب الناس ويدخل من حيث لا يشعرون؛ لكن حيوان كبير سهل ترده عن دخول البيت، أو عن دخول مكان الطعام سهل التحرز منه، فنظروا إلى أن المشقة في صغار الحجم، وحددوا الحجم بالهرة التي جاءت فيها النص، وقالوا: إن ما فوق الهرة لا يشق التحرز منه، يعني لو كان عند إنسان كلب، كلب وهو فوق الهرة بالحجم، في بيت مرابط له؛ لكن مثل هذا الكلب لا يشق التحرز منه لكبر حجمه، الأبواب ترده، ترده الأبواب، أما الهر لصغر حجمه، وكانت الأبواب ليس فيها من الإحكام مثل أبوابنا الآن، سهل يعني تدخل يدك وتفتح لو ما عندك مفتاح في الأبواب الأولى، وسهل أنه يدخل عليك الباب ولا يتأثر؛ لأن فيها فجوات بحيث تدخل فيها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015