((إنما الأعمال بالنيات)) فالنية شرط لكل أو لصحة كل عملٍ شرعي، وعليها مدار القبول مع الاتباع للنبي -عليه الصلاة والسلام-، والموافقة لسنته -صلى الله عليه وسلم-، فلا يصح أي عملٍ شرعي إلا بتوافر هذين الشرطين، الشرط الثاني يدل عليه الحديث الثاني؛ لكن النية لها شأن عظيم {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [(5) سورة البينة] وفي هذا الحديث يقول: ((إنما الأعمال بالنيات)) حصر، فلا تصح الأعمال إلا بالنيات الصالحة الخالصة لوجه الله تعالى، فالنية: القصد للعمل تقرباً إلى الله تعالى، ابتغاءً لوجهه، هذه هي النية، وجميع أمور الآخرة لا تصح إلا بهذا، فليحذر طالب العلم، يحذر المصلي المسلم مثلاً أن يصلي لأمرٍ من أمور الدنيا، أو لما يرى من نظر غيره إليه، أو يصوم كذلك، أو يحج كذلك؛ لكن من أعظم الأمور التي هي من مزلة الأقدام طلب العلم؛ لأن العلم الشرعي المورث للخشية من أمور الآخرة المحظة التي لا يجوز التشريف فيها، ولذا جاء في حديث الثلاثة الذين هم أول من تسعّر بهم النار، رجل طلب العلم وعلّم الناس عقود خمسين ستين سنة يطلب العلم، ويعلم الناس الخير، ومع ذلك هو من الثلاثة الذين هم أول من تسعّر بهم النار، ماذا صنعت يا فلان؟ تعلمت العلم وعلمته الناس، فيقال له: كذبت، تعلمت وعلمت ليقال: عالم وقد قيل، نسأل الله السلامة والعافية، فالأمر خطير، على طالب العلم أن يسعى في تصحيح النية من بداية الطلب، وإلا من تعلم لغير الله كما يقول أهل العلم مُكر به، وهذا أكثر وأعظم ما يخشى على أهل العلم وطلابه من هذا، تعلمت ليقال: عالم وقد قيل، فأنت الآن ترجو شيئاً وقد حصل، انتهى. فليكن طالب العلم على حرصٍ شديد في تصحيح هذا الأمر، وأكثر ما يسأل الطلاب، طلاب التعليم النظامي الذين دخلوا في الكليات الشرعية بنياتٍ مدخولة، إنسان أمامه مستقبل وظروف حياة، وأمور ضاغطة تنازع الإنسان في نيته الصالحة، فيحاول جاهد ثم بعد ذلك يبوء بالفشل، النية شرود، قد تحصل في وقتٍ من الأوقات ثم يطرؤ عليها ما يضعفها أو يفقدها نسأل الله السلامة والعافية، فهل من العلاج أن يترك الطالب الذي دخل بهذه النية أو يستمر على ما