إلى غار حراء ويتعبد فيه الأيام ذات العدد، يعبد الله على ملة إبراهيم على التوحيد، ثم لما بلغ الأربعين من عمره عليه الصلاة والسلام نزل عليه الوحي، بأن «جاءه جبريل وهو في غار حراء وقال له: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ - أي: لا أحسن القراءة -، فضمه ضمة شديدة، ثم أرسله وقال: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ، ثم ضمه مرة ثانية، ثم أرسله وقال له: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ، فقال له: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} » [العلق 1 ـ 2] .
هذه هي نبوته صلى الله عليه وسلم، نبأه الله باقرأ: أي جعله نبيا بذلك، ثم ذهب إلى بيته يرتجف من الخوف؛ لأنه لقي شيئا ما كان يعرفه من قبل، أمرا هائلا، فوجد زوجه خديجة رضي الله عنها فغطته وهدأته، وقالت له: كلا والله لا يخزيك الله، إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف، وتحمل الكل، وتعين على نوائب الدهر، فوطأته وذهبت به إلى عمها ورقة بن نوفل، وكان قد تحنث وقرأ في الكتب السابقة تعبدا لله عز وجل، فلما أخبره بما رأى قال: هذا هو الناموس الذي كان ينزل على موسى، يعني: جبريل عليه الصلاة والسلام.