الثَّانِيَةُ: أَنَّ الله لا يَرْضَى أَنْ يُشْرَكَ معه أحد في عبادته

قال رحمه الله تعالى: [الثانية -يعني: من المسائل التي يجب على كل مسلم ومسلمة تعلمها- أَنَّ الله لا يَرْضَى أَنْ يُشْرَكَ مَعَهُ في عبادته أحد، لا ملك مقرب، ولا نبيّ مرسل، ودليل ذلك قوله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [الجن:18]] .

وجه الدلالة على أن الله لا يرضى بالشرك كائناً من كان المشرك به أن الله جل وعلا قال: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} هذا من جهة، ومن جهة أخرى تأكيداً لهذا التوحيد قال: {فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً} فإثبات المساجد وهي محال العبادة لله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له، وتعقيب ذلك بالنهي عن دعاء غيره دليل على أن الله سبحانه وتعالى لا يرضى أن يشرك معه غيره.

ويدل لذلك أيضاً قوله: {وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [الزمر:7] .

ودليل ذلك من السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه) .

وهذا دليل على أنه سبحانه وتعالى لا يرضى أن يشرك معه أحد، لا ملك مقرب، ولا نبيّ مرسل، فضلاً عن أن يشرك معه الأشجار والأحجار والأصنام، فإذا كان لا يرضى أن يشرك معه ملك وهو من أشرف الخلق ومن الخلق الغيبي الذي نعلمه، ولا نبيٌّ مرسل وهم أشرف جنساً من بني آدم فكيف بالإشراك معه غيره ممن هو دونهم؟! لا شك أن الله سبحانه وتعالى لا يرضاه بل يبغضه، وقد قال الله جل وعلا في بيان عقوبة من وقع منه الشرك: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة:72] ، وهذا فيه التهديد البليغ البين على هذا العمل، وفيه بيان عظم الشرك، وأنه أمر خطير كبير لا يرضاه الله، وإلا فلما توعد عليه بهذا الوعيد الشديد العظيم من تحريم الجنة والإخبار بدخول النار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015