ثم بعد أن ذكر هذين الوصفين ذكر وصفاً ثالثاً -وهو دليل المسألة الثالثة التي يجب علينا تعلمها- وهو الدعوة إليه، قال: (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ) أي: أوصى بعضهم بعضاً بالحق، والتواصي بالحق من صور وأنواع العمل الصالح، وإنما نص عليه وذكره لأهميته وأثره في حصول النجاة، ولئلا يظن الظانُّ أنه باستكثاره من الأعمال الصالحة في نفسه يحصل له النجاة وإن أهمل من يجب عليه نصحهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، ولذلك جاء النص على التواصي بالحق مع أنه من الأعمال الصالحة.
والتواصي بالحق يشمل أن يوصي الإنسان نفسه بالحق، ويأمرها بالمعروف، وينهاها عن المنكر، وكذلك يشمل أن يكون ذلك مع غيره ممن يعايشهم، سواءٌ أكانت له ولاية عليهم، أم لم تكن له ولاية عليهم، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من حق أهل الإيمان بعضهم على بعض.