احتجوا بأنه لولا مراعاة المصالح والمفاسد، لكان تخصيص الفعل المعين من بين سائر الأفعال بالحكم المعين من بين سائر الأحكام ترجيحاً من غير مرجح، لكن ما خصص بعضها بالتحريم وبعضها بالوجوب وبعضها بالإباحة، دل على أن الوجوب للمصالح والتحريم للمفاسد والإباحة لعرو الفعل عنهما أو لاستوائهما فيه، وذلك هو المطلوب.

جوابه: أن الأمر كما ذكرتم في مراعاة المصالح والمفاسد، لكن على سبيل التفضل لا على سبيل الوجوب، ولم يحصل لكم دليلكم إلا أصل المراعاة لا وجوبها، فنقول بموجب دليلكم.

تنبيه: قول من قال من الفقهاء بأن الأفعال قبل الشرع على الحظر أو على الإباحة ليس هو موافقاً للمعتزلة، بل هو من أهل السنة، غير أنه قال ذلك لمدارك شرعية، أما دليل كونها على التحريم متقدماً، فلقوله تعالى «ويسئولونك ماذا أحل لهم» (?) ومفهومه أن المتقدم قبل الحل هو التحريم، وكذلك قوله تعالى «أحلت لكم بهيمة الأنعام» (?) ومفهومه أنها كانت قبل ذلك محرمة، فدل على أن حكم الأشياء كلها كانت على الحظر، وأما دليل الإباحة فقوله تعالى «خلق لكم ما في الأرض جميعاً» وقوله تعالى «أعطى كل شيء خلقه ثم هدى» (?) وذلك يدل على أن الإذن في الجميع بهذه المدارك الشرعية الدالة على الحل قبل ورود الشرائع، فلو لم ترد هذه النصوص لقال هؤلاء الفقهاء لا علم لنا بتحريم ولا إباحة.

وتقول المعتزلة المدرك عندنا العقل فلا يضرنا عدم ورود الشرائع، فمن هنا افترق هؤلاء الفقهاء من المعتزلة.

وأما قولي وكذلك قال بقول الأبهري وأبي الفرج جماعة من المعتزلة فيما لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015