عدلين برؤية الهلال والسماء مصحية، فظاهر العدالة الصدق، وظاهر الصحو اشتراك الناس في الرؤية، فرجح مالك العدالة ورجح سحنون الصحو. الأصل والظاهر كالمقبرة القديمة فالظاهر نبشها فتحرم الصلاة فيها، والأصل عدم النجاسة، وكذلك اختلاف الزوجين في النفقة: ظاهر العادة دفعها، والأصل بقاؤها فغلبنا نحو الأوّل والشافعي الثاني: ونحو اختلاف الجاني مع المجني عليه في سلامة العضو أو وجوده، الظاهر سلامة الأعضاء في الناس ووجودها والأصل براءة الذمة. اختلف العلماء في جميع ذلك واتفقوا على تغليب الأصل على الغالب في الدعاوى فإن الأصل براءة الذمة والغالب المعاملات لا سيما إذا كان المدعي من أهل الدين والورع، واتفقوا على تغليب الغالب على الأصل في البينة فإن الغالب صدقها والأصل براءة الذمة.

فائدة: الأصل أن يحكم الشرع بالاستصحاب أو الظهور إذا انفرد عن المعارض وقد استثنى من ذلك أمور لا يحكم فيها إلاّ بمزيد ترجيح يضم غليها أحدها ضم اليمين إلى النكول، فيجتمع الظاهران، وثانيها تحليف المدعي المدعى عليه، فيجتمع استصحاب البراءة مع ظهور اليمين. وثالثها: اشتباه الأواني الأثواب يجتهد فيها على الخلاف فيجتمع الأصل مع ظهور الاجتهاد ويكتفى في القبلة بمجرد الاجتهاد لتعذر انحصار القبلة في جهة حتى يستصحبه فيها.

وأما أدلة وقوع الأحكام بعد مشروعيتها فهي أدلة وقوع أسبابها وحصول شروطها وانتفاء موانعها، وهي غير محصورة، وهي إما معلومة بالضرورة كدلالة الظل على الزوال، أو كمال العدة على الهلال وإما مظنونة كالأقارير والبينات والأيمان والنكولات والأيدي على الأملاك، وشعائر الإسلام عليه الذي هو شرط في الميراث، وشعائر الكفر عليه الذي هو مانع من الميراث، وهذا باب لا يعد ولا يحصى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015