من شرط النسخ التراخي والمقارنة ضده فلا نسخ، فكل واحد منهما حجة قطعاً فتعين التخيير، وإذا كان المتأخر هو المظنون لم ينسخ المعلوم، لما تقدم أن القاعدة أنا نشترط في الناسخ أن يكون مساوياً أو أقوى، والمظنون أضعف من المعلوم، ويتعين المعلوم عند جهل التاريخ لرجحانه بكونه معلوماً، ومهما ظفرنا بجهة ترجيح تعين العمل بالراجح.

ويقدم الخاص على العام لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا تقتلوا الصبيان» مع قوله تعالى: «اقتلوا المشركين» (?) فإن تقديم الحديث لا يقتضي إلغاءه ولا إلغاء الآية، وتقديم عموم الآية يقتضي إلغاء الحديث، ولأن الآية يجوز إطلاقها بدون إرادة الصبيان، ولا يجوز إطلاق الحديث بدون إرادة الصبيان، لأنهم جميع مدلوله فيبقى هدراً، فالأول أولى. وقوله تعالى: «وأن تجمعوا بني الأختين» (?) بتناول المملوكتين والحرتين، وقوله تعالى: «أو ما ملكت أيمانكم» (?) يتناول الأختين والأجنبيتين، وضابط الأعم والأخص من وجه أن يوجد كل واحد منهما مع الآخر وبدونه، وقد وجد الأول في الأختين الحرتين بدون الملك، ووجد الثاني في المملوكات الأجنبيات بدون الأخوة، واجتمعا معاً في الأختين المملوكتين، فهما حينئذ كل واحد منهما أعم ن الآخر من وجه وأخص من وجه، ولا رجحان لأحدهما على الآخر من هذا الوجه بل من خارج، وقد رجح المشهور من المذاهب التحريم في الأختين المملوكتين بأن أيتهما لم يدخلها التخصيص بالإجماع، بل قيل لا تخصيص فيها وهو المشهور، وقيل يباحان، وقيل بالتوقف كما قاله بعض الصحابة رضوان الله عليهم، (حللتهما آية وحرمتهما آية) وأما آية الملك فمخصوصة إجماعاً بملك اليمين من موطوءة الآباء وغيرهم، وما لم يخصص بالإجماع مقدم على ما خصص بالإجماع، فتقدم آية الأختين فيحرم الجمع بينهما.

الفصل الثالث في ترجيحات الأخبار

وهي إما في الإسناد أو المتن، فالأول قال الباجي يترجح بأنه في قضية مشهور والآخر ليس كذلك أو راوية أحفظ أو أكثر، أو مسموع منه عليه الصلاة والسلام، والآخر مكتوب به أو متفق على رفعه إليه عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015