الثالث: المشهور أنه لا يجوز إجراء القياس في الأسباب كقياس اللواط على الزنا في وجوب الحد، لأنه لا يحسن أن يقال في طلوع الشمس إنه موجب للعبادة كغروبها.

حجة الجواز: أن السببية حكم شرعي فجاز القياس فيها كسائر الأحكام، ولأن السبب إنما يكون سبباً لأجل الحكمة التي اشتمل عليها، فإذا وجدت في غيره وجب أن يكون سبباً تكثيراً لتلك الحكمة.

حجة المنع: أن الحكمة غير منضبطة لا، ها مقادير من الحاجات، وإنما المنضبطة الأوصاف، ولذلك إنما ترتب الحكم على سببه وجدت حكمة أم لا، بدليل أنا نقطع بالسرقة

وإن لم يتلف المال بأن وُجد مع السارق، ونحد الزاني وإن لم يختلط نسب بل تحيض ولا يظهر حبل، فعلمنا أن الحكمة إنما هي مرعية في الجملة، والمعتبر إنما هو الأوصاف، فإذا قسنا فإنما نجمع بالحكمة وهي غير منضبطة، والجمع بغير المنضبط لا يجوز.

الرابع: اختلفوا في جواز دخول القياس في العدم الأصلي، قال الإمام والحق أنه يدخله قياس الاستدلال بعدم خواص الشيء على عدمه دون قياس العلة، وهذا بخلاف قياس الإعدام فإنه حكم شرعي.

العدم الأصلي كعدم صلاة سادسة، وعدم وجوب صوم شهر غير رمضان، ونحوه.

حجة الجواز: أنه يمكن أن يقال إنما لم يجب الفعل الفلاني لأنه فيه مفسدة خالصة أو راجحة، وهذا الفعل مشتمل على مفسدة خالصة أو راجحة، فوجب أن لا يجب.

حجة المنع: أن العدم الأصلي ثابت مستمر بذاته، وما هو مستمر بذاته يستحيل إثباته بالغير، ولا يمكن إثباته بالقياس.

حجة الإمام أن العلة إنما تكون في المعاني الموجودة، والعدم نفي محض فلا يتصور فيه العلل.

وجوابه: ما تقدم أن العدم قد يعلل بدرء المفسدة، كما تقول إنما لم يبح الله تعالى الزنا ونحوه لما فيه من المفاسد، وأما الإعدام فهو رفع الحكم بعد ثبوته، ولا شك أن رفع الثابت يحتاج إلى رافع، بخلاف تحقق ما هو محقق فإنه يلزم منه تحصيل الحاصل، فظهر الفرق بين العدم والإعدام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015