أن القياس لم يكن حجة إلاّ بالنصوص، فهو فرعها، ولأن المقيس عليه لا بد وأن يكون منصوصاً عليه، فصار القياس فرع النصوص من هذين الوجهين، وأما أن المفرع لا يقدم على أصله فلأنه لو قدم على أصله لأبطل أصله، ولو أبطل أصله لبطل فلا يبطل أصله.

والجواب عن هذه النكتة: أن النصوص التي هي أصل القياس غير النص الذي قدم عليه القياس فلا تناقضن فلم يقدم الفرع على أصله بل على غير أصله.

وهو إن كان بإلغاء الفارق فهي تنقيح المناط عند الغزالي، أو باستخراج الجامع من الأصل ثم تحقيقه في الفرع فالأول يسمى تخريج المناط والثاني تحقيقه.

المناط اسم مكان الإناطة، والإناطة التعليق والإلصاق، قال حسان بن ثابت فيمن هجاه:

وأنت زنيم نيط في آل هاشم ... كما نيط خلف الراكب القدح الفرد

أي علق، وقال حبيب الطائي:

بلاد بها نيطت على تمائمي ... وأول أرض مس جلدي ترابها

أي علقت عليّ الحرور فيها، والعلة ربط بها الحكم وعلق عليها فسميت مناطاً على وجه التشبيه والاستعارة، واختلف الناس في تنقيح المناط فقال الغزالي هو إلغاء الفارق، كما تقول لا فارق بين بيع الصفة وبيع الرؤية إلاّ الرؤية، وهي لا تصلح أن تكون فارقاً

متعلقات أغراض البيع، فوجب استواؤهما في الجواز، ولا فارق بين الذكور والإناث في مفهوم الرق (?) وتشطير الحد، فوجب استواؤهما فيه، وقد ورد النص بذلك في أحدهما في قوله تعالى: «فعليهن نصف ما على المحصنات نم العذاب» (?) ، ولا فارق بين الأمة والعبد في التقويم على معتق الشقص فوجب استواؤهما في ذلك فإن النص إنّما ورد في العبد الذكر خاصة في قوله - عليه السلام -: «من أعتق شركاً له في عبد» ونحو ذلك، فهذا قياس يسمى تنقيح المناط على اصطلاح هؤلاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015