متى زادت عبارة الراوي فقد زاد في الشرع أو نقص، وذلك حرام إجماعاً، ومتى كانت عبارة الحديث جلية فقد غيَّرها بعبارة خفية فقد أوقع في الحديث وهنا يوجب تقديم غيره عليه بسبب خفائه، فإن الأحاديث إذا تعارضت في الحكم الواحد يقدم أجلاها على أخفاها، فإن كان أصل الحديث جلياً فأبدله يخفى فقد أبطل منه مزية حسنة تخل به عند التعارض، وكذلك إذا كان الحديث خفى العبارة فأبدلها بأجلى منها فقد أوجب له حكم التقديم على غيره، وحكم الله أن يقدم غيره عليه عند التعارض، فقد تسبب بهذا التغيير في العبارة إلى تغيير حكم الله تعالى، وذلك لا يجوز، فهذا هو مستند هذه الشروط، فإذا حصلت هذه الشروط حينئذ يجري الخلاف في الجواز أما عند عدمها فلا يجوز إجماعاً.

حجة الجواز: أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يسمعون الأحاديث ولا يكتبونها ولا يكررون عليها ثم يروونها بعد السنين الكثيرة، ومثل هذا يجزم الإنسان فيه أن نفس العبارة لا تنضبط بل المعنى فقط، ولأن أحاديث كثيرة وقعت بعبارات مختارة وذلك مع اتحاد القصة، وهو دليل جواز النقل بالمعنى، ولأن لفظ السنة ليس متعبداً به بخلاف لفظ القرآن، فإذا ضبط المعنى فلا يضر فوات ما ليس بمقصود.

حجة المنع: قوله - عليه السلام -: «رحم الله - أو نضر الله - امرءاً سمع مقالتي فأداها كما سمعها، فرب عامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه إلى من ليس بفقيه» فقوله: أداها كما سمعها يقتضي أن يكون اللفظ المؤدى كاللفظ المسموع عملاً بكاف التشبيه، والمسموع في الحقيقة إنّما هو اللفظ وسماع المعنى تبع له، والتشبيه وقوع بالمسموع فلا يشبهه حينئذ إلاّ مسموع، أما المعنى فلا، وذلك يقتضي أنه - عليه السلام - أوجب نقل مثل ما سمعه لا خلافه، وهو المطلوب.

وإذا زادت إحدى الروايتين على الأخرى والمجلس مختلف قبلت، وإن كان واحداً وتأتى الذهول عن تلك الزيادة قبلت، وإلا لم تقبل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015