المعتزلة وغيرهم، نظراً إلى أنهم من أهل القلة من حيث الجملة، وردها غيرهم لأنهم إما كفرة أو فسقة وهو مذهب مالك رحمه الله لقوله تعالى: «إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا» (?) وهؤلاء إما فسقة أو كفرة، والعدالة شرط لقوله تعالى: «ذوى عدل منكم» (?) مع قوله تعالى: «واستشهدوا شهيدين من رجالكم» (?) فهذا مطلق وذاك مقيد، والمطلق يحمل على المقيد لقوله تعالى في الآية الأخرى: «ممن ترضون من الشهداء» (?) وإذا اشترطت العدالة في الشهادة المتعلقة بأمر جزئيّ لا يتعداه الحكم للشهود به فأولى

الرواية، لأنها تثبت حكماً عاماً على الخلق إلى يوم القيامة، ولأن الدليل ينفي العلم بالظن خالفناه في حق العدل، فيبقى فيما عداه على مقتضى الدليل. ولقوله تعالى: «إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا» دل على عدم قبول الفاسق فلا بد من العلم بعدم الفسق حتى يتعين حكم التوقف وذلك هو ثبوت العدالة وهو المطلوب.

ومعنى قول العلماء: الصحابة رضوان الله عليهم عدول أي الذين كانوا ملازمين له والمهتدين بهديه عليه الصلاة والسلام، وهذا هو أحد التفاسير للصحابة، وقيل الصحابي من رآه ولو مرة، وقيل من كان في زمانه، وهذان القسمان لا يلزم فيهما العدالة مطلقاً، بل فيهم العدل وغيره بخلاف الملازمين له - عليه السلام -، وفاضت عليهم أنواره، وظهرت فيهم بركاته وآثاره، وهو المراد بقوله - عليه السلام -: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم» .

وقولي: عند قيام المعارض، حذراً من زنا ماعز والغامدية وغير ذلك مِمّا جرى في زمن عمر في قصة أبي بكرة وما فيها من القذف والجلد والقصة مشهورة، فمع قيام أسباب الرد لا تثبت العدالة، غير أنها هي الأصل فيهم من غير عصمة وغيرهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015