في اثني عشر عدد نقباء موسى عليه السلام أو العشرين عند أبي الهذيل (?) لقوله تعالى: «إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين» (?) أو أربعين لقوله تعالى: «يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين» (?) وكانوا حينئذ أربعين، أو سبعين عدد المختارين من قوم موسى. أو ثلاثمائة عدد أهل بدر. أو عشرة عدد بيعة الرضوان.
إنّما جزم القاضي رحمه الله بأن الأربعة لا تفيد العلم، لأن شهود الزنا أربعة وهم محتاجون إلى التزكية فلو كان خبر الأربعة يفيد العلم لأفاد خبر كلّ أربعة وحينئذ لا يحتاج إلى التزكية في صورة لكنه خلاف الإجماع، وتوقف في الخمسة لاحتمال حصول العلم بخبرهم، وهذا البحث من القاضي يقتضي أن العدد بما هو عدد هو مدرك العلم، بل الحق أن القرائن لا بد منها مع الخير كما تقدم تقريره في حجة إمام الحرمين، وإذا كانت القرائن لا بد منها فأمكن حصولها مع الأربعة وفي تلك الصورة لا يحتاج إلى التزكية، والحق عند الجمهور أنه متى حصل العلم كان ذلك العدد هو عدد التواتر قل أو كثر، وربما أفاد عدد قليل العلم لزيد ولا يفيده لعمرو وربما لم يفد عدد كثير العلم لزيد وأفاد بعضه العلم لعمرو، وكل ذلك إنّما سببه اختلاف أحوال المخبرين والسامعين.
وهذه المذاهب المتقدمة في اشتراط عدد معين إنّما مدرك الجميع أن تلك الرتبة من العدد وصفت بمنقبة حسنة، فجعل ذلك سبباً لأن يحصل لذلك العدد منقبة أخرى وهي تحصيل العلم، وهذا غير لازم والفضائل لا يلزم فيها التلازم، وقد يحصل العلم بقول الكفار أحياناً؛ ولا يحصل بقول الأخيار أحياناً، بل الضابط حصول العلم فمتى حصل فذلك العدد المحصل له هو عدد التواتر.