وقال القاضي أبو بكر: العقليات قسمان ما يخل الجهل به بصحة الإجماع والعلم به كالتوحيد والنبوة ونحوهما، فلا يثبت بالإجماع، وإلا جاز ثبوته بالإجماع، كجواز رؤية الله تعالى، وجواز العفو عن الكبائر، والتعبد بخبر الواحد، والقياس ونحو ذلك.
وقال أبو الحسين في المعتمد: يجوز اتفاقهم على القول والفعل والرضا ويخبرون عن الرضا في أنفسهم، فيدل على حسن ما رضوا به، وقد يجمعون على ترك القول وترك الفعل فيدل على أنه غير واجب، ويجوز أن يكون ما تركوه مندوباً إليه، لأن تركه غير محظور، فهذه التفاصيل أولى من التعميم الأوّل وهو قول الإمام فخر الدين في المحصول.
وقال إمام الحرمين في البرهان اختلف الأصوليون في الإجماع في الأمم السلافة هل
كان حجة، فقيل لا، وهو من خصائص هذه الأمة، وقيل إجماع كلّ أمة حجة ولم يزل ذلك في الملل.
وقال القاضي: لست أدري كيف كان الحال.
قال الإمام: والذي أراه أن أهل الإجماع إن قطعوا بقولهم في كلّ أمة فهو حجة لاستناده إلى حجة قاطعة لأن العادة لا تختلف في الأمم، وإن كان المستند مظنوناً فالوجه الوقف.
قال الشيخ أبو إسحق في اللمع: الأكثرون على أن إجماع غير هذه الأمة ليس بحجة. واختار الشيخ أبو إسحق الإسفرائيني أنه حجة.
فائدة: تقول العرب جمع الرجل قومه وأجمع أمره، قاله أبو علي في الإيضاح وتقول أجمع الرجل إذا صار إذا جَمع، مثل ألبن إذا صار ذا لبن وأتمر إذا صار ذا تمر، فقولنا أجمع المسلمون على وجوب الصلاة يصح بمعنى صاروا ذوي جمع وبمعنى أجمعوا رأيهم.