وقال أبو الحسين البصري في المعتمد الموضوع له في أصول الفقه كما قاله المصنف، ثم قال إن قيل يجوز أن ينسخ إجماعاً وقع في زمانه عليه الصلاة والسلام قلنا

يجوز، وإنما منعنا الإجماع بعده أن ينسخ، وأما في حياته فالمنسوخ الدليل الذي أجمعوا عليه لا حكمه.

وقال أبو إسحق: ينعقد الإجماع في زمانه عليه السلام.

وقال ابن برهان في كتاب الأوسط ينعقد الإجماع في زمانه عليه الصلاة والسلام، وجماعة المصنفين وافقوا الإمام فخر الدين على دعواه على ما فيها من الإشكال.

وأما حجة الجواز لمن خالف في هذه المسألة فهي مبنية على أنه يجوز أن ينعقد إجماع بعد إجماع مخالف له، ويكون كلاهما حقاً، ويكون انعقاد الأوّل مشروطاً بأن لا يطرأ عليه إجماع آخر وهو شذوذ من المذاهب، فبنى الشاذ على الشاذ، والكل ممنوع.

ويجوز نسخ الفحوى الذي هو مفهوم الموافقة تبعاً للأصل، ومنع أبو الحسين من نسخه مع بقاء الأصل دفعاً للتناقض بين تحريم التأفيف مثلاً وحل الضرب، ويجوز النسخ به وفاقاً، لفظية كانت دلالته أو قطعية أو على الخلاف.

قال الإمام فخر الدين اتفقوا على جواز نسخ الأصل والفحوى معاً، وأما نسخ الأصل وحده فإنه يقتضي نسخ الفحوى، لأن الفحوى تبع، وأما نسخ الفحوى مع بقاء الأصل فمنعه أبو الحسين، لئلا ينتقض الغرض في الأصل كما تقدم في التأفيف، فتحريمه لنفي العقوق وإباحة الضرب أبلغ في العقوق، فيبطل المقصود من تحريم التأفيف.

قال سيف الدين: تردد قول القاضي عبد الجبار في نسخ الفحوى دون الأصل، فجوزه تارة ورآه من باب التخصيص، لأنه نص على الجميع، ثم خصص البعض، ومنعه مرة للتناقض ونقض الغرض.

وقولي: كانت دلالته لفظية أو قطعية: أريد بالقطعية العقلية الذي هو القياس؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015