والجواب عن الأوّل: قد يكون الأثقل أفضل للمكلف وخيراً له باعتبار ثوابه واستصلاحه في أخلاقه ومعاده ومعاشه. وعن الثاني أنه محمول على اليسر في الآخرة حتى لا يتطرق إليه تخصيصات غير محصورة فإن في الشريعة مشاق كثيرة.

ونسخ التلاوة دون الحكم كنسخ - الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله - مع بقاء الرجم، والحكم دون التلاوة كما تقدم في الجهاد، وهما معاً لاستلزام إمكان المفردات إمكان المركب.

لأن التلاوة والحكم عبادتان مستقلتان، فلا يبعد في العقل أن يصيرا معاً مفسدة في وقت أحدهما دون الآخر، وتكون الفائدة في بقاء التلاوة دون الحكم ما يحصل من العلم بأن الله تعالى أنزل مثل ها الحكم رحمة منه بعباده. وعن أنس نزل في قتلى بئر معونة - بلغوا إخواننا أننا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا - وعن أبي بكر كنا نقرأ من القرآن - لا ترغبوا عن أبائكم فإنه كفر بكم - ومثال التلاوة والحكم معاً ما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت كان فيما أنزل الله - عشر رضعات - فنسخن - بخمس - وروي أن سورة الأحزاب كانت تعدل سورة البقرة.

ونسخ الخبر إذا كان متضمناً لحكم عندنا، خلافاً لمن جوزه مطلقاً ومنعه مطلقاً وهو أبو علي وأبو هاشم وأكثر المتقدمين. لنا أن نسخ الخبر يوجب عدم المطابقة وهو محال فإذا تضمن الحكم جاز نسخه لأنه مستعار له ونسخه الحكم جائز كما لو عبر عنه بالأمر.

قال الإمام فخر الدين: إذا كان الخبر خبراً عما لا يجوز تغييره، كالخبر عن حدوث العالم، فلا يتطرق إليه النسخ، وإن كان عما يجوز تغييره وهو إما ماضٍ أو مستقبل، والمستقبل إما وعد أو وعيد أو خبر عن حكم كالخبر عن وجوب الحج فيجوز النسخ في الكل، ومنع أبو علي وأبو هاشم وأكثر المتقدمون الكل.

قال: لنا أن الخبر إذا كان عن أرم ماض نحو عمرت نوحاً ألف سنة، جاز أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015