معلوم بالضرورة لمن اطلع على أحوال القوم وكاشفهم وعرف ما هم عليه، بل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجب أن يعتقد أنه إنّما اعتمد في رجم اليهوديين على وجي جاءه من قبل الله تعالى، وأما غير ذلك فلا يجوز، ولا يُقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على دماء الخلق بغير مستند صحيح، فالاستدلال في هذه المسألة بهذه القضية لا يصح، بل لا يندرج في هذه المسألة إلاّ ما علم أنه من شرعهم بكتابنا، ومن قِبل نبينا فقط.

حجة المثبتين من وجوه: أحدها ما تقدم من الآية، وثاينها قوله تعالى: «شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليه وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه» (?) (وما) عامة في جملة ما وصى به نوحاً ووصى به إبراهيم وموسى وعيسى. وثالثها: قوله تعالى: «ملة أبيكم إبراهيم» ن تقديره اتبعوا ملة أبيكم إبراهيم.

ويرد على الكل أن المقصود قواعد العقائد لا جزئيات الفروع، لأنها هي التي وقع الاشتراك فيها بين الأنبياء كلهم، وكذلك القواعد الكليّة من الفروع، أما جزئيات المسائل فلا اشتراك فيها، بل هي مختلفة في الشرائع.

حجة النافين من وجوه: أحدها أنه لو كان عليه الصلاة والسلام متعبداً بشرع من قبله

لوجب عليه مراجعة تلك الكتب، ولا يتوقف إلى نزول الوحي، لكنه لم يفعل ذلك لوجهين: أحدهما أنه لو فعله لاشتهر. والثاني: أن عمر رضي الله عنه طالع ورقة من التوراة فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: «لو كان موسى حياً ما وسعه إلاّ اتباعي» .

وثانيها: أنه - صلى الله عليه وسلم - لو كان متعبداً لوجب على علماء الأمصار والأعصار أن يفعلوا ذلك ويراجعوا شرع من قبلهم، ليعلموا ما فيه، وليس كذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015