ظواهر الأوامر الدالة على جميع ما أتى به كما تقدمت، ومثال إقراره عليه الصلاة والسلام الدال على الجواز أنه عليه الصلاة والسلام مر في مخرجه للهجرة براعٍ، فذهب أبو بكر الصديق رضي الله عنه فأتاه منه بلبن فلم ينكر ذلك عليه، فدل ذلك على جوازه، ولأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بُعث والناس يأكلون أنواعاً من الملاذ من لحوم الأنعام والفواكه وغيرها، وكذلك المراكب وغيرها ولم ينكرها عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على إباحتها إلاّ ما دل الدليل على منعه.
قال جماهير الفقهاء والمعتزلة يجب اتباعه عليه الصلاة والسلام في فعله إذا علم وجهه وجب اتباعه في ذلك الوجه، لقوله تعالى: «وما أتاكم الرسول فخذوه» (?) والأمر ظاهر في الوجوب، وقال أبو علي بن خلاد به في العبادات فقط، وإذا وجب التأسي به وجب معرفة وجه فعله من الوجوب والندب والإباحة، إما بالنص أو بالتخيير
بينه وبين غيره فيما (?) علم فيه وجهه فيسوى به، أي بما يدل على نفي قسمين فيتعين الثالث، أو بالاستصحاب في عدم الوجوب، أو بالقربة على عدم الإباحة فيحصل الندب، وبالقضاء على الوجوب وبالإدامة مع الترك في بعض الأوقات على الندب وبعلامة الوجوب عليه كالأذان، ويكون جزاء لسبب الوجوب كالنذر.
معنى يجب اتباعه في ذلك الوجه أي إن فعله على وجه الندب وجب علينا أن نفعله على وجه الندب، أو فعله عليه الصلاة والسلام على وجه الوجوب وجب علينا أن نفعله كذلك، إذ لو خالفناه في النية ذهب الاتباع، ووجه