جوابه: أن تلك المسألة مفروضة فيما إذا لم ينزل البيان البتة، وهذه إذا نزل، ولكن سمعه البعض فقط والذي لم يسمعه هو صورة النزاع.
لنا أن أحدنا قد يسمع العموم ولا يسمع مخصصه، وذلك معلوم من الدين بالضرورة، ولأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن في تبليغه يطوف على القبائل حتى يستوعب أنواعهم وأشخاصهم بكل حكم، بل يبلغ من حيث الجملة، ويقول: «بلغوا عني ولو آية، فرحم الله أمرءا سمع مقالتي فوعاها فأدها كما سمعها فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه» ، وهذا يدل على أنه كان يُسمع البعض فقط، وذلك معلوم من حاله عليه الصلاة والسلام بالضرورة، فيكون أكثر المكلفين لم يسمع المخصص وهو صورة النزاع.
احتج الخصم بأن ذلك يفضي إلى اعتقاد السامع الحكم على خلاف ما هو عليه، وأنه مفسدة لا تليق بالحكيم.
وجوابه: أن الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.