ذلك يستحيل عليه الشركة في نفس الأمر، كما قلنا في الواحد مع نصف عشر الأربعين. لكن إطلاق لفظ الكلي على واجب الوجود سبحانه وتعالى فيه إيهام تمنع من إطلاقه الشريعة؛ فلذلك قلت تركته أدباً. وأما القسم المستحيل فهو أنهم يقولون المتعدد قد يكون متناهياً كالأفلاك فإنها عدد محصور وغير متناه كالإنسان بناء منهم على قدم العالم، وأنه قد دخل في الوجود منه أفراد غير متناهية، وكذلك في جميع الأنواع. ولما قامت البراهين على حدوث العالم كان هذا القسم مستحيلاً.
فأقسام الكلي عندهم ستة وهي في هذا الكتاب أربعة. إذا ظهر الفرق بين الكلي والجزئي فينبغي أيضاً أن يعلم مع ذلك الكلية والكلي والجزئية والجزء، فالكلية هي الحكم على كل فرد فرد بحيث لا يبقى فرد، كقولنا كل رجل يشبعه رغيفان غالباً؛ فالحكم صادق باعتبار الكلية، دون الكل. والكل هو القضاء على المجموع من حيث هو مجموع، كقولنا كل رجل يشيل الصخرة العظيمة، فهذا الحكم صادق باعتبار
الكل دون الكلية. والجزئية هي الحكم على بعض أفراد الحقيقة من غير تعيين كقولنا بعض الحيوان إنسان. والجزئي هو الشخص من كل حقيقة كلية. الجزء هو ما تركب منه ومن غيره كلٌّ كالخمسة مع العشرة. وجميع هذه الحقائق لها موضوعات في اللغة؛ فصيغة العموم للكلية، وأسماء العدد للكل، والنكرات للكلي، والأعلام للجزئي، وقولنا بعض الحيوان إنسان وبعض العدد زوج للجزئية، وقولنا جزء موضوع للجزء، وهذه الحقائق يحتاج إليها كثيراً (?) (?) في أصول الفقه فينبغي أن تعلم.