حجة التوقف تعارض المدارك.
وأما اتفاقهم على وجوب اتصاله بالكلام فلأنه فضلة لا يستقل بنفسه فلا يعود لما تقدم في الاستثناء بطريق الأولى، لما تقدم أن الشرط متضمن للمصالح والمصالح تناسب الاهتمام بها فلا تؤخر.
وأما حسن التقييد به ولو أخرج أكثر الكلام بل قد يبطله كله، فإنه إذا قال أكرم بني تميم إن أطاعوا الله، فقد لا يطيع منهم أحد فيبطل جميع الكلام الذي كان يثبت لولا هذا الشرط، فإنهم مستحقون الإكرام لولا هذا الشرط، وكذلك قد لا يطيع أكثرهم، فيخرج من الكلام أكثره، ولا يقبح ذلك، ولا يجري فيه الخلاف الذي في الاستثناء.
والفرق من وجهين: أحدهما أن الموجب لقبح إخراج الكل أو الأكثر بالاستثناء أن
المتكلم به يعد عابثاً في كونه أقدم على النطق بما يعتقد خلافه، وأنه يعود فيبطله بلفظ آخر، ولا يعد عابثاً في الشرط بسبب أن الخارج بالشرط غير متعين حال التلفظ، وإنما ذلك تسفر العاقبة عنه. وثانيهما: أن احتمال إخراج الشرط للأكثر معارض بأنه قد لا يخرج شيئاً ويطيعون كلهم، فيبقى الكلام بجملته لا يبطل منه شيء، فلما تعارضا سقطا، وصار الكلام كأنه لم يدخله تقييد.
وأما التقديم فهو في النطق لا غير، والفراء يلاحظ أنه فضله في الكلام، والفضلة شأنها التأخير كالصفة والغاية والنعت والمفعول والتأكيد وغيره، يلاحظ أنه سبب والسبب شأنه التقديم، فهو متقدم في المعنى، فيكون متقدماً في اللفظ، وهو معنى قوله: هو متقدم في الطبع فيقدم في الوضع، وقد غلط بعض الجهال وقال إن العلماء قد جوزوا تقدم المشروط على شرطه، وإن وجود المشروط حالة عدم شرطه فيه خلاف، وإذا سئل أين ذلك؟ يشير إلى تلك المسألة، وهو غلط، ما قال أحد بأن المشروط لا يتوقف على شرطه، بل الخلاف في التقدم في النطق حالة التعليق فقط، هل يقول أنت حر إذا دخلت الدار، أو إن دخلت الدار فأنت حر، أما وقوع الحرية قبل الدخول من جهة أنها معلقة فلم يقل به أحد.