يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا، إلاّ من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً» (?) فهذا الاستثناء عائد على من، وهو جملة واحدة، فمن هذا الوجه يمكن أن لا يكون من هذا الباب، ومن جهة أن هذا من عوده على الجمل الثلاث المتقدمة يكون الاستثناء في المعنى عائداً على الجمل الثلاث.
فائدة: قول العلماء في هذه المسألة: إن الاستثناء مشترك بين عوده على الكل أو الأخيرة، هو من الاشتراك الواقع في التركيب دون الإفراد؛ أي وضعت العرب (إلاّ) لتركبها عائدة على الكل وتركبها عائدة على الأخيرة، فهو من فروع أن العرب وضعت المركبات كما وضعت المفردات وهي مسألة قولين واختار الإمام المنع.
فائدة: اختلفت عبارات العلماء في هذه المسألة، فقال فخر الدين: الاستثناء المذكور عقيب الجمل الكثيرة ولم يذكر العطف. وقال الشيخ سيف الدين: الجمل المعطوفة بالواو.
واعلم أن حروف العطف عشرة: الواو، والفاء، وثم، وحتى، وهي يتأتى فيها خلاف العلماء لأنها تجمع بين الشيئين معاً في الحكم، ويمكن الاستثناء منهما أو أحدهما.
وأما: بل، ولا، ولكن، فهي لأحد الشيئين بعينه نحو قام القوم لا النساء، وبل النساء، وما قام القوم لكن النساء، فالقائم أحد الفريقين دون الآخر بعينه، فأمكن أن يقال لا يمكن عود الاستثناء عليهما لأنهما لم يندرجا في الحكم، والعود عليهما يقتضي تقدم الحكم عليهما، ويمكن أن يقال إنهما معاص محكوم عليهما: إحداهما بالنفي والأخرى بالإثبات، فالمنفي ما بعد (لا) وما قبل لكن وبل، غير أن هذه الحالة إن صححنا عود الاستثناء عليهما يلزم أن يرفع باعتبار النفي وينصب باعتبار الإيجاب، واجتماع الرفع والنصب معاً محال، إلاّ أن يصرف أحدهما للفظ والآخر للمعنى. وبالجملة فهو موضع تردد.
وثلاثة لأحد الشيئين لا بعينه وهي: أو، وأم، وإما، نحو قام القوم أو النساء وإما القوم وإما النساء، أو هل قام القوم أم النساء، فهنا المحكوم عليه واحد