غير الجنس، نحو رأيت إخوتك
إلاّ ثوباً، وتارة بسبب الحكم بغير النقيض نحو رأيت إخوتك إلاّ زيداً لم يسافر.
وقولي «لا يذوقون فيها الموت» منقطع على الأصح، أريد أن أصل الذوق هو إدراك الطعوم خاصة، وهو في مجرى العادة باللسان، ثم أستعمل مجازاً في إدراك ما قام بالذائق، حو ذاق الفقر وذاق الغنى وذاق الولاية، فهذا مجاز، فإذا لاحظناه وهو لا يدركون الموتة قائمة بهم في الجنة، بل كان ذلك في الدنيا فتعين الانقطاع.
ولنا أن نتجوز بلفظ الذوق إلى أصل الإدراك الذي هو الشعور والعلم، ويصير معنى الكلام لا يعلمون فيها الموت إلاّ الموتة الأولى فإنهم لا يعلمونها في الجنة، فيصير الاستثناء متصلاً، والعلم حاصل لهم في الجنة بأنهم ماتوا في الدنيا، وهذا مجاز، والأول أيضاً مجاز، لأن الموت ليس من ذوات الطعوم، لكن الأوّل أقرب إلى الحقيقة؛ لأن القيام حاصل في الطعوم، وفي الموت حالة حصوله، ففي وصف القيام خصوص أوجب قرب الأوّل للحقيقة وبعد الثاني، والعلاقة في الآيتين التعبير بالأخص عن الأعم، فإن إدراك الطعوم هو إدراك مع خصوص كون المدرك طعماً وقيامه بالذائق، فإن أحد الخصوصين في المجاز الأوّل بالخصوصان منفيان في المجاز معاً في المجاز الثاني فلذلك كان أبعد.
فائدة: قال الله تعالى في الآية الأخرى: «قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين» (?) ، وذلك يقتضي أنهم ماتوا مرتين، وهذه الآية تقتضي أنهم ماتوا مرة واحدة، فكيف الجمع بينهما.
الجواب أن هذه الآية يمكن حملها على الأرواح، وهي لا تموت إلاّ مرة واحدة عند الصعقة الأولى، لقوله تعالى: «فصعق من في السموات ومن في الأرض إلاّ من شاء الله» (?) قيل المستثنى أرواح الشهداء، وقيل أرواح الأنبياء، وقيل