وأما حمل الشافعي المشترك على جميع معانيه عند التجرد فهي مسألة اختلفوا فيها؛ فالجمهور خالفوه وقالوا كما يحصل الاحتياط إذا قال له انظر للعين فنظر لجميع العيون فيحصل المراد قطعاً ويضيع الاحتياط (?) من جهة أخرى فإنه قد ينظر إلى عين امرأته أو ذهب (?) وذلك يسوؤه فيقع في المخالفة؛ فالصواب التثبت حتى يرد البيان، والمأمور معذور عند عدم البيان وغير معذور إذا هجم بغير علم ولا ظن عند حصول الإجمال.
فاعتقاد الشافعي إن قلنا به هو مشتمل على المراد لا أنه المراد؛ فإن فرعنا على عدم صحته أسقطناه من الحد.
ويتلخص من هذا الفصل أن الوضع سابق والحمل لاحق والاستعمال متوسط، وهذا فرق جلي بينها وبقي من الوضع قسم ثالث لم أذكره وهو ما يذكره جماعة من العلماء في قولهم هل من شرط المجاز الوضع أم ليس من شرطه؟ قولان، ويريدون بالوضع هنا مطلق الاستعمال ولو مرة يسمع من العرب استعمال ذلك النوع من المجاز فيحصل الشرط؛ فصار الوضع جعل اللفظ دليلاً على المعنى أو غلبة الاستعمال، وأصل الاستعمال من غير غلبة في المواطن المذكورة خاصة فحصل الفرق بين الجميع.